متى تبدأ الخيانة؟
الباحثة في علم النفس بولا حريقة
حازت المواقع المتخصصة بالعلاقات العاطفية خارج إطار الزواج شعبيّة واسعة في الآونة الاخيرة. وبحسب الاستطلاعات فإنّ فرنسيّاً من أصل ثلاثة أقرّ بخيانته شريكه في معرض علاقتهما العاطفية. ولكن ماذا تعني الخيانة بالنسبة الى الفرنسيّين؟ ومتى تبدأ؟
هل تبدأ مع تكوّن مشاعر عاطفية عميقة تجاه شخص آخر غير الشريك، أم منذ لحظة الاتصال الجسدي معه؟ وللإجابة على كلّ هذه التساؤلات الجدليّة التي تختلف الآراء حولها، أجرى الموقع الذي يحتلّ المرتبة الاولى في المواقع المتخصصة بالعلاقات العاطفية خارج إطار الزواج، Gleeden.com بالتعاون مع معهد الاستطلاعات Ifop، دراسةً شملت البلدان الأوروبيّة.
خيانة بالقبلة؟
وأظهرت هذه الدراسة أنّ نظرة الناس الى الخيانة تختلف بحسب البلدان الاوروبيّة، ولكن بالنسبة الى جميع الأوروبّيين فإنّها تبدأ بالاتّصال الجسديّ مع شخص آخر غير الشريك. وبالنسبة الى 80 في المئة من الفرنسيين وشريحة كبيرة من الأوروبّيين، فإنّ القبلات والعلاقات الجسديّة المنتظمة أو الاستثنائيّة خارج إطار العلاقة العاطفية هي رديفٌ للخيانة.
ولكنّ المُستطلعين ذهبوا في أجوبتهم الى ما هو أبعد من العلاقة الجسدية، حيث أقرّ عدد كبير منهم بأنّ الخيانة تبدأ حتّى قبل الاتّصال الجسدي والعلاقة الجنسيّة. واعتبر 6 فرنسيّين من أصل 10 أو ما يعادل 60 في المئة منهم، و75 في المئة من الإيطاليّين، أنّ تبادل القبلة مع شخص آخر غير الشريك هو رديف للخيانة…. ماذا عن الهوامات؟
وفي البحث الذي أجراه معهد الـ Ifop، تطرّق الباحثون أيضاً الى ما هو أبعد من الخيانة الجسديّة، وهو تلك الخيانة التي تبدأ بالفكر وبالخيال وتعرف بالهوامات أو الـ fantasme. وتبيّن أنّ نظرة الفرنسيّين الى موضوع الهوامات الجنسيّة والمُغازلة بعيداً من علاقتهم العاطفيّة، تختلف في ما بينهم وتتناقض أحياناً. إذ يرى 57 في المئة من الفرنسيّين أنّ تبادل الرسائل المثيرة والحميمة مع شخص آخر غير الشريك، هو شكل من أشكال الخيانة.
لكنَّ 45 في المئة منهم فقط يدرجون ألعاب الإغراء التي تُمارَس خارج العلاقة العاطفيّة ضمن إطار الخيانة، وبالنسبة إلى 41 في المئة منهم، فإنّ الخيانة تتجلّى عبر التفكير بشخص آخر أثناء مُمارسة العلاقة الجنسيّة مع الشريك. وأقرّ القيّمون على الدراسة بأنّه كان من المُثير للإهتمام معرفة ما إذا انتقل المُستطلَعون الى الخيانة الجسديّة أم إقتصرت خيانتهم على الفكر والخيال.
الخيانة تقتل الحبّ؟
وعلى رغم انتشارها في الآونة الاخيرة، إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ لا مفرّ من الخيانة في معرض العلاقة العاطفيّة، حيث أوضح 68 في المئة من المستطلعين الفرنسيّين أنّه يُمكن أن يكون الإنسان وفيّاً لشريكه الآخر طيلة حياتهما العاطفيّة.
ولكن، بحسب ما أوضح الـIfop فإنّ عدد المؤمنين بالوفاء العاطفي انخفض بنحوٍ ملحوظ منذ عام 1970، خصوصاً في أوساط النساء. وأظهر الاستطلاع أيضاً فصل مفهوم الوفاء عن الحصريّة في الحبّ، حيث آمن 63 في المئة من الفرنسيّين بأنّ خيانتهم لشركائهم لا تعني بالضرورة التوقّف عن حبّهم.
رأي علم النفس
وتعليقاً على هذا الموضوع، أكّدت الباحثة في علم النفس الدكتورة بولا حريقة أنّه «على رغم بعض التناقضات التي تثيرها مسألة الخيانة، إذ يعتبر البعض أنها تكمن على مستوى العلاقة الجسدية فقط، إلّا أنّ الخيانة الفعلية تكون فكريّاً، لأنّ العلاقة الجنسية في جزء كبير منها، هي عملية تخيُّلية يستطيع الفرد أثناءها ممارسة الفعل الجنسي بالكامل».
وأوضحت أنّه «يمكن لأيّ فرد مُمارسة الجنس، حتّى في حال الحب غير المتبادل، وذلك بتفعيل المخيّلة في ما يسمى التصوّر الذهني، وهذا ما قد يؤثّر في علاقة الشريكين الحقيقيَّين ببعضهما، ما يؤدّي الى امتناع أحدهما عن تقبُّل الآخر».
وختمت عالمة النفس حديثها مشدّدة على أنّ «العلاقة الجسدية التي تصنّف بالخيانة لا تأتي بمجرّد التقاء شخصين، بل هي تتويج لحال وجدانية أو عاطفية نشأت بينهما، ما يعني أنها بدأت منذ إعجابهما ببعضهما البعض، ونمت باللقاءات وتفاعلهما، هذا إن لم تنتهِ بالممارسة الفعلية».
المصدر: الجمهورية