مسلسلات déjà vus!
بيروت – فاطمة عبد الله
بعض المسلسلات تتكاثر حلقاته، من دون أن يقول شيئاً. لفٌ ودوران حول فكرة سبق أن طرحها. كالحب، مثلاً، من دون إضافة. ودّ فشِجار، أو شجارٌ فودّ. ذلك ملل لا يُطاق، تورده “أم بي سي بوليوود” ضمن مسلسل “سجين الحب”.
ستظنّ أن عنواناً برّاقاً، كعنوان المسلسل، قد يضعك أمام حبيبين مُشتعلين، ظرف لقائهما قاهر. الظروف هنا تطورات مضحكة. المُراد وضع الحبيبين، سعود وهنادي، في حال مدّ وجزر. بعد ذلك، فتِّش عن دافع للمُشاهدة. سوف لن تجد سوى شابين تُحرّكهما هرمونات المراهقة. “بدي وما بدي”. وما هو أسوأ: “هو يريد، إذاً أنا لا أريد”! يتحرّك المسلسل وفق بُنى مهزوزة. بطله سعود ساخط على النساء منذ أن تخلّت عنه أمّه. يتصرّف كالصغار المُشرّدين في رؤوسهم الصغيرة، من دون ذلك التشتت المُؤثّر الذي يرمي المُشاهد في المصيدة. هنا التشتت مدروس والألم ليس مؤلماً. كأنّه لا رابط بين أمسه ويومه، ولم يبقَ فيه من فقده أمّه سوى أنّه فقدها. يبدو هذا الشاب طفلاً، أمام صراع عظيم بحجم العقل والقلب. يحبّ هنادي ويهينها لأنّ المصادفة تترصّد: هي وأمّه صديقتان. كلما نوشك على تقبّل أنّ في العمل قلوباً تشاء أن تُحبّ وتُحَب، نلمح من بعيد ما يُفسد البهجة. كانت الأضواء خافتة عندما همّت بتقبيله. شفتاها تقتربان من شفتيه، لنجده ينفجر ضاحكاً! ثم يخبرها بأنه سيعلن خطبته على أخرى. تعلم الآتي: هربت لتفادي إحراج الموقف.
مرّة يتهمها باختلاس أمواله، ومرّة يجمع الموظفين ليُفصح عن حبه لها، هي الموظفة في شركته. صبي ضائع، ضيّع معه المسلسل، كأنه طوال الوقت ويخلط الجدّ باللعب. هنادي، منذ أن أحبّته، أصبحت تحاول أن تستوعب تفوّقها عليه لناحيتي الوعي والإدراك. فاته تصوّرها حاجته المتواصلة الى أمّه ورفضه الشعور بالوحدة. كأنه يُطبِّق تداعيات الخسارة فقط، لأنّ، النصّ يلزمه بذلك. تُعوّض الموسيقى العذبة الحذر من انفلاش المشاعر، ويتلاشى الفارق ما بين أمّ تريد فرصة لتُبرر لابنها دوافع هجره، وأب يختار له الفتاة التي يظنّها مناسِبة. كانت النتيجة أنّ الإبن، أمام مصارحة حبيبته بحبها له، صدّها: “ما أبغي اسمع ولا شي منك. الحب والمشاعر والعواطف، هادي كلها خرابيط”.
ذلك فيه شيء من الواقعية، لو لم يخرج في لحظة غضب. بعض الاستحالة ما بين حبيبين، يجعلهما كلما افترقا أروع. لا شيء من هذا هنا، مجرّد علاقة ما إن تتحسّن حتى تتوتّر، لتبقى للمُشاهد مادة تنتظره في الحلقة المقبلة (يُعرض من الأحد الى الخميس، التاسعة مساء). ثم تصبح المقاربة مقلوبة، وعوض الحب، يأتيك الحلّ باللاحب. هو الحيلة المبتكرة لجعل هنادي تُستَفزّ وتتحدّى. يُريد، إن استمرّ في إهانتها، أن تُثبت له أنّها لا تأبه، وأنها على رغم محاولات إحباطها، ستنجح.
كلّ شيء يهبط فجأة على بطل هذا المسلسل. يملأه الحب، ويُقرر أنّ الجميع كان مخطئاً في الحُكم على أمّه، وبأن هنادي تستحق أن يحبّها. يصبح مستعداً لدور ملاكها الحارس، فيساعدها في السعي الى احتراف الغناء، فيما هي تظنّه ينساها ولا يكترث لما تفعل.
مسلسل آخر يكرّس الحب بأشكال كلاسيكية باهتة، الكلمة فيه للغيرة والمؤامرة المكشوفة. كلّ تطوّراته من هذا النوع: “أنا ما أقْدَر أذبحش. بش أقدر أذبح نفسي”، يقول سعود العاشق.
المصدر: جريدة النهار