ماء الحياة

water ماء
بقلم: مكرم غصوب
 كانا في الصحراء يبحثان عن ماء الحياة، عن النبع الذي لا يجف أبداً… عن ذلك السلسبيل… كلّ منهما اعتنق البداوة وسلك طريقه المرسوم في البلقع وحيداً، ذاق العلقم من شدّة القيظ والبرد، ذابت رجلاه في الرمال بعد أن تعبت جماله ولم يتعب، وجفّ قلبه في الخلاء والوحشة، صاحب ظلّه فكان خلّه الذي أنقذه لما كادت أن تبتلعه الرمال المتحركة.. شرب الماء الآسن والماء المالح الأجاج والماء الصديد علّه يروي عطشاً لا ترويه إلاّ تلك التي يجعل منها كل شيء حيّ!!
التقيا عند المفترق، تعانقا بحب، تماسكا برجاء، خلعا ظليهما وكل الغشاوة التي أحاطت بهما وأكملا الطريق سوياً ما خدعهما سراب ولا غشهما وهم غدير في العدم…
بعد معاناة مريرة وبعد أن خارت قواهما وصلا «على أخر روح» الى النبع المنشود يستغيثون الساقي أن يروي عطشهما بالماء المعين، فأتاهما بكوبين فيهما القليل القليل من الماء وقال لهما: «إشربا ماءً فراتاً مباركاً»! بالرغم من ظمئه الشديد، صدّق أحدهما الراوي واستساغ هذا القليل من الماء يبل به ريقه كونه أفضل من اللاشيء، وعندما شرب انتشى وارتوى ونبض قلبه بالحياة…
أمّا الآخر فلم ير من الكوب إلاّ فراغه، أعمته ظلال الوهم فرمى الكوب أرضاً رافضاً القليل من الغدق بعد كل ما كابده وقاساه. حينها وعندما لامست قطرات الماء الأرض الجرداء نبتت زهرات اللوتس البيضاء في القفر ويبس قلبه!
المصدر: جريدة اللواء

 

 

شارك الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Facebook IconYouTube IconTwitter IconFollow us on Instagram