خاص: تشرّد واغتصاب وطائفية
باسكال صوما
قرّرت الدراما اللبنانيّة في الآونة الأخيرة أن تخرج قليلاً من القصور الفخمة والسيارات التي تكاد تطير. قرّرت الدراما أن تضع يدها على جروحنا، أن تنزل إلى الشارع وتشاهد الوجع المتنقّل، والقهر الذي يدور بين العيون. بدأ الأمر ربّما مع “شوارع الذلّ” (كتابة الممثلتين فيفيان أنطونيوس ولورا خباز)، الذي كان بمثابة صفعة قويّة على جبهاتنا. فالمسلسل استطاع أن يلبس ثياب أطفال الشوارع، أن يتحدّث ويتصرّف مثلهم. وهذا بحدّ ذاته إنجاز بالنسبة للدراما اللبنانيّة الميّالة إلى البرجوازية والترف.
أما الصفعة الثانية فكانت مسلسل “أولاد البلد” (كتابة غريتا غصيبة) الذي رفع لواء الطائفية، وفضح بطريقة ما فظاظتها، وما قد ينتج عنها من حزن وجروح وجرائم. وعلى الرغم من أنّ الأداء التمثيلي لم يكن على قدر فكرة المسلسل، إلاّ أنه يمكن القول إنّ المسلسل هزّ العقل الباطني لدى المشاهد ودعاه لتقليب صفحات الحرب الأهلية، والحروب المستمرّة الآن وإن تحت الرماد.
وأتى أخيراً طارق سويد ليلكم كلّ النائمين، كل المتناسين، وقرّر أن يقول “كفى”. هذه المجموعة الدرامية التي تصوّر بعضاً من وجع النساء والعنف الذي يطالهنّ من قبل الأزواج. وعلى غير عادة، كان الأداء التمثيلي رائعاً وحقيقياً لدرجة أنّ الذي يشاهد الممثلة ريتا حايك وهي تتألم من وقع الضرب من زوجها الممثل يوسف حداد، يشعر برغبة بالبكاء، بالغضب، بالثأر. وكنّا نتمنّى طبعاً لو أنّ ما رأيناه كان مجرّد خيال وقصّة… ولا بدّ من الإشارة إلى مسلسلي “حلوة وكذابة” و”اخترب الحيّ” كتابة كارين رزق الله، اللذين أضحكانا وأبكانا حتى أصبحا فرداً من أسرنا. علماً أنّ حلقات “اخترب الحي” ما زالت مستمرّة على شاشة “إم تي في”.
على أمل ألا تحنّ الدراما إلى قصص أبناء القصور و”الفيلات” وأن تبقى شبيهةً بيومياتنا وهمومنا، نحن الناس العاديون.