رمية نرد
الدكتور محمد ناصر الدين
كتب ستيفان ملارميه قصيدة طويلة بعنوان “رمية نرد لا تلغي الحظ، un coup de dés jamais n’abolira le hasard”. لو عرفنا في كل مرة، الثقل، والجاذبية، وسرعة الهواء، وبالتالي، وجه النرد الذي سيظهر، ستصبح اللعبة تافهة. ستكون حتما نهاية الكازينو، ولكن الاخطر، ستكون نهاية شيء اسمه الحظ والصدفة. كل علم يقول لنا نتيجة رمية النرد سيكون شريرا بالمطلق، لانه يقضي على منطق اللعبة بذاته. انحاز الى مالارميه، اكثر من انحيازي الى الرياضيين، الذين يجهدون في محاولة فهم وتدجين الحظ. قد يلتقي الرياضيون والشعراء، مالارميه نفسه عرّف الرياضيات بأنها شكل تشتيتي، لكنه واضح، من الشعر المشفّر. ما هي حصة الحظ، او المدهش، او الالهام، في الكتابة وتدوير الجمل؟ شيطان الشعر، ليس الا الغير متوقع، l’imprévisible, الذي يأتي ويرحل الى ال “هناك”، بالامس من الآلهة او من الشياطين، واليوم من الحظ او اللاشعور. في التقاليد الدينية، يحث يسوع ومحمد على حب الجار، السؤال الذي يطرح نفسه: أليس في حب الجار بُعْدٌ مضاف وأعلى من الحب العادي؟ بُعد اجتماعي مشفّر؟ الا نرَى في كل تلك الامثلة المتباعدة في الظاهر، نفس الحاجة الى اللجوء الى بُعْد اعلى لإعطاء المعنى للكلمات، او حتى للعالم بأسره: الرياضيات ونظرية المجموعات (theorie des ensembles) لنعطي للارقام معنى، الكتابة والادب لنعطي الكلمات معنى، الصوفية للدين، الكثافة للشعر؟ لو رجعنا الى ملارميه والرياضيين، في موضوع الصُدفي واللامتوقع، نرى ان الرياضيات، تضيف هي ايضا، بعدا يضيء ويغني كل حدث مفهوم انه عشوائي.
هامش–
حين استوى
على الماء
سرق النرد
ايامه الست
وفي جبلة الطين
ترك هامشا
للخطأ.