خاص – “أنا مبسوط إنّي ميت” إبداع للمؤلف والمخرج سليمان زيدان ولموقعنا: نحن نناضل من أجل الفن والجمال وأهل السياسة تجاراً يبغون الربح والمسرح ينقصه الدعم
بــيــروت – ريـــم شــاهــيــن
حين تدخل قاعة مسرح أبراج، ينتابك شعور من الخوف حين ترى ديكور المسرح وكيف توجد جثثاً هامدة تجعل من شبح الموت يخيّم عليه.
حبّ الحياة والتمسك بها حالة يعيشها جميع الناس بدون إستثناء، مهما إختلفت إتجاهات حياتهم وتنوعت شخصياتهم، ولكن هل العودة من الموت تفرحهم وتجعلهم يعيشوا من جديد ويختبروا أحاسيس حرموا منها في حياتهم الأولى…لعلّ الله حرمنا من أشياء لأنّ خواتيمها ليست لخيرنا، فلو عدنا وعشنا الحياة، فلو قدّر لنا الحصول على كلّ ما نريده لغابت مفاهيم عدة في هذه الحياة، لاندثرالقدر والحظ، لندمنا على أمور كثيرة كانت ستدمرنا بدل من أن تفيدنا .
تساؤلات عدة يطرحها جمهور مسرح أبراج حين يشاهد مسرحية “أنا مبسوط إنّي ميت” التي ترجمها على المسرح بمشهدية غنائية كوميدية عميقة المخرج والمؤلف الموسيقي سليمان زيدان.
المسرحية المقتبسة عن مسرحية “كرنفال الأشباح” للكاتب الفرنسي موريس دو كوبرا، يلعب زيدان فيها دور المؤلف والمخرج والممثل. وبعد مشاهدتنا عرض المسرحية، حاورنا المخرج والمؤلف الموسيقي سليمان زيدان، أستاذ المسرح والموسيقى والمسؤول عن أكاديمية “Art Zone ” – مسرح أبراج في سنتر أبراج فرن الشباك، وفي حديث خاص لموقعنا أكّد لنا أنّ ديكور المسرح وضعه ليعكس جوّ الموت والمقبرة ولتبقى الكوميديا عنصراً غير متوقعا في المسرحية.
وأضاف أنّه من الصعب تحويل نصّ لمسرحية عالمية إلى مسرحية لبنانية لأنّ إعداد النصّ إختصاصاً بحدّ ذاته وتحويله لمسرح غنائي أمراً يتطلب الكثير من الجهد والدقة . وإعتبر أنّ الإخراج والتمثيل معاً يحتاج مجهوداً مضاعفاً والكثير من التركيز، خاصة وأنني أؤلف موسيقى متداخلة مع خط دراميّ، وأنّ ىالممثل يستحضر إحساسه خلال سماع صوت الموسيقى ويشعر بالالات.
و تابع : ” أعتقد أننا نجحنا في إدارة الممثل واعطاء كلّ ممثل هوية مستقلة تتوافق مع الشخصية التي يؤدي دورها”. وأسف لعدم وجود أسس علمية يتبعها الممثلين لذلك تتشابه الشخصيات الذين يؤدونها في كلّ عمل، مشيراً أنّ بعض الممثلين يؤدون دورين في المسرحية بحرفية بالرغم من أنّ الشخصيتين متناقضتين.
وشدّد على أنّ الممثل يجب عليه أن يجتهد ويطوّر نفسه ولا يجب مساواة الجميع، فلكلّ ممثل قدراته وإمكانياته، مشيراً أنّه في الأكاديمية وأثناء التحضير يتابع الممثل من الألف إلى الياء بأدقّ التفاصيل. ورأى أنّ هناك مشكلة في الدراما وفي التلفزيون بشكل عام، وأنّ السينما هي صناعة ولا تخلو من الجزء التجاري.
وأشار إلى أنّ المسرح ينقصه الدعم في لبنان، ولو كان المسرح يحظى بالدعم اللازم لانعكس الأمر على الدراما. وأسف لأنّ سياسة الدولة لا تعطي أهمية لثقافة المسرح الذي هو أبو الفنون وقد يغيّر أنظمة. وأردف أنّه طلب لقاء وزير الثقافة منذ سنة وتمت الموافقة بدون والموعد حتّى اليوم لم يحدّد، ولا انصل به الوزير، علماً أنّ بحسب ما قيل له أنّ الوزير لا يعطي مواعيداً وإنّما يجري الإتصالات الهاتفية
وختم : “المسرح أكبر من أن نختصره بكلمة، فهو مفهوم وفلسفة كبيرة ، والحياة أعظم من أن تندثر والشوق للحياة أمراً أذلياً. ليس هناك من رسالة أوجهها للمعنيين لأنّها ستكون أشبه بمن يسقي أرض غير خصبة ولن تعطي ثماراً. نحن نناضل من أجل الجمال والفن وهم تجار يناضلون من أجل الربح والمال والمحسوبيات تحكم علاقاتهم”.
وفي ملاحظة خاصة لنا خلال مشاهدة المسرحية، وجدنا بأنّ دور البروفسور ماراكس الذي يؤديه مخرج ومؤلف العمل، دوراً يتلوّن بالإبداع في الأداء والكلام والتناغم مع الموسيقى والإنتباه للعمل برمته. ونأمل بأن تسمع واحدة من الصرخات التي يطلقها مبدعي وعشاق المسرح بشكل عام وأن يأتي اليوم الذي ينصف فيه الفنان في لبنان وتقدّر أعماله وخاصة في مجال المسرح.