خاص – بعد 17 عاماً على فقدان الدنيا ربيعها الجوّ لم يعدّ بديعاً…وهذه أسرار “أميرة حبي أنا” السندريلا سعاد حسني
الـقـاهـرة – مـيـدو إبـراهـيـم
من عاصمة الضباب لندن في مثل هذا اليوم المشؤوم وفي تمام الساعة التاسعة وعشر دقائق مساء قام طفل مغربي عمره إثنتي عشر عاماً بتبليغ الشرطة الإنجيليزية بسقوط سيدة ثمينة من الدور السادس في برج “ستيورد تور”.
يعدّ هذا البلاغ حدثاً طبيعياً للشرطة، ولكنّه هزّ قلوب الملايين من المحيط إلي الخليج… رحلت السندريلا قبل أن تدقّ الساعة، سندريلا الرواية تركت حذاءها لحبيبها، أما سندريلا الشاشة سعاد حسني فتركت حذاءها أمام الشرفة، هل صدفة أم حادثة مقصودة!! لم تكن عادية في أي شيء التمثيل، الضحك، المرح، الأنوثة، حتّى موتها لم يكن عادياً حتى الآن يظلّ السؤال مطروحاً كيف ماتت سعاد حسني ؟ !
الإجابة معروفة “قتلناها ” نعم قتلناها… عندما أعلنت وزارة الصحة توقف علاجها على نفقة الدولة بعد عامين من العلاج، عندما قالت الصحف و الجرائد أن سعاد تشحت بشوارع لندن وتأكل من القمامة، عندما طالبها الجمهور بالعودة إلى أرض الوطن بعد خمس سنوات من العلاج، عندما أهملها أصدقاؤها الفنانين ولم يسأل عنها أحد .
كانت ترغب في العودة إلى الوطن وهي سعاد حسني صاحبة العشرون عاماً، لم تدرك أنها أصبحت تتخطى الخمسين، زيادة في الوزن، شلل في النصف الأيمن من الوجه، ألم مبرح بالقدمين والعامود الفقري، فقدان الإتزان، صعوبة النظر، إكتئاب مزمن كل هذا كانت تعاني منه السندريلا بآخر عمرها .
كانت تضحك في مسلسل (هو وهي ) وهي تتألم من تآكل فقرتي (القطنية والعجز)، هكذا عودتنا سعاد أو كما تحبّ أن يناديها أصدقاؤها “زوزو” .
لم نرحمها، لم نفسر ألمها وغيابها عن أرض الوطن، لم نفسر إبتعادها عن الصحف، كان يشغلنا فقط عودة فتاة أحلام الشباب المصري إبنه حي بولاق المصري المولودة 26 يناير عام 1943 التي لم يكن لها حظ في دخول المدارس الحكومية للتعليم ولكن تعلمت في المنزل علي يد زوج والدتها.
كان ترتيبها العاشرة بين ستة عشر أخ وأخت من الأب والأم أشهرهم الفنانة نجاة الصغيرة أختها من الأم . أصيبت بالإكتئاب بعد طلاقها من العندليب عبد الحليم حافظ مباشرة و إنفضاح أمر المخابرات الحربية عام 1968 وكشف أمر تجنيدها، وزاد الإكتئاب بعد الإنفصال عن زوجها المخرج علي بدرخان بعد زواج دام أحد عشر عاماً.
لم تكن الأمور النفسية والصحية مع صاحبة السعادة والعيون الشقية على ما يرام، فبالرغم من أنّ لها شقاوة وبريق و سعادة أمام الكاميرا، إلا أنّ الجميع أجمع على عودتها لحالة الإكتئاب بعد الإنتهاء من التصوير.
إنها سعاد أخت القمر لطالما أبهرتنا بأفلام إستعراضية وعاطفية وكوميدية رسمت على قلوبنا قبل وجوهنا الإبتسامة والمرح. عندما تشاهدها على التلفاز تبتسم تلقائياً بدون تفسير واضح. كانت المبتسمة دائماً، تعاني من الظلم في فضيحة أخلاقية طالتها بإسم الوطن، ثمّ أخت ليست بشقيقة تصيبها الغيرة عندما غنّت سعاد، ثمّ زيجات كثيرة متتالية لم تنجح، ووفاة عبد الحليم، إلى وفاة والدها الروحي الأديب صلاح جاهين.
بعد رحيل السندريلا من أرض الوطن إلى لندن للعلاج على نفقه الدولة، على أن يستمر العلاج عام أوعام ونصف إلا أن فترة العلاج طالت تعدت العامين وأكثر، و يوجد بعض العاملين بالسفارة أرسلوا إلى وزير الصحة أن سعاد لم تعاني من شيىء وشفيت وتهدر فلوس الدولة، فجاء قرار وقف علاج الفنانة على نفقة الحكومة الأمر الذي إعتبرته سعاد ” تصفيه حسابات” بينها و بين وزير الأعلام السابق صفوت الشريف، حتى جرت محاكمته في قضية إنحراف المخابرات.
عملت سعاد على تخفيض نفقة الأموال معها، فطلبت من صديقتها القديمة السيدة “نادية يسري” بالجلوس في شقتها وترحيل جميع أمتعتها إلى مصر لقرارها العودة.
ورحبت نادية وذهبت سعاد للجلوس شهرين في معكسر صحي للتخسيس، وبعدها جاءت من المعسكر خائفة مرتبكة، ولا تتحدث إلى أحد، لم تهدأ أو تجلس حتي وردها إتصال تلفوني غريب الأطوار، لتقول أنّ الرئيس السابق صدام حسين عيّن لها حارس خاص لها يرافقها أينما كانت، ويقف أمام الطابق لحمايتها وأنها سوف تذهب من لندن إلى بغداد، ومن بغداد إلى مصر لتخويف صفوت الشريف .
في الخامسة مساء يوم 21 يونيو 2001 رحلت نادية يسري و تركت سعاد، كما تقول حزينة خائفة مترددة وذهبت للدراسة على أمل العودة في الساعة التاسعة مساء .
تقول نادية يسري أنّها في التاسعة مساء وجدت سعاد بإنتظارها في الشرفة وبعد دخول الشقة لم تجدها ووجدت الساتر بالشرفة منزوعاً، لتدرك أن سعاد لقت مصرعها على أسفلت بارد في أرض باردة مدينة يحيط بها الغموض والأسئلة، أين ذهب الحارس؟! لماذا كانت تكتب في مذكراتها ” أخدت قرار ومش ممكن أرجع فيه “؟! لماذا تركت مفتاح المنزل على المائدة وبجانبه سلسال خاص بها وهاتفها ؟! لماذا تركتنا ؟!
في تمام العاشرة، أعلنت الشرطة وفاة السيدة إثر سقوطها من شرفة المنزل وتأثر بكسر في الجمجمة وكدمات في الذراعين.
رحلت السندريلا و رحل معها قلوب معجبيها.. إنتهى الموعد على العشاء والغريب خرج من بيتها وإشاعة الحب تبدّلت، بإشاعة قتل أو إنتحار، والمشبوه في مقتلها معروف…ستظلي أميرة حبي أنا، والحياة لم تعد بامبي ولا هتعود ربيع يا زوزو…لم و لن ننساكي تبقي معنا بافلامك وإبتسامتك وأنوثتك…دمتي لنا فتاة أحلام…