معلّمي رجل وحدة لبنان الحقيقية
بقلم الناشط الإجتماعي محمد درويش
حسن صعب موسوعة إنمائية ومعين علمي لا ينضب، فكر ثاقب ورؤى مستقبلية. علمنا أن نتابع مسيرة الإنماء والنضال المستمر في سبيل تحقيق الحرية والتقدّم للبنان، وتحويله من دولة نامية إلى دولة متقدّمة.
حسن صعب بدأ حياته أزهرياً ودبلوماسياً وأستاذاً جامعياً وعميداً ومستشاراً وكاتباً من الطراز الاول، وأطلّ على الانماء بوهج جديد، وانتهى رائداً لانماء الانسان كل إنسان وكل الانسان.
كان حسن صعب عنواناً للجرأة وللكلمة الحق، يرفرف فوق هامته علم العنفوان وشعار الانماء. قضى حياته مجاهداً في سبيل الانماء. حسن صعب بذل جهوداً مضنية في سبيل إشاعة التوعية الإنمائية بين المواطنين اللبنانيين الموجودين سواء منهم في القطاع العام او القطاع الخاص، وذلك لأن إنماء لبنان، أيّ تطويره من دولة نامية الى دولة متقدمة يستدعي المشاركة الخلاقة من قبل جميع المواطنين، ويتطلب تكامل القطاعين العام والخاص في وضع السياسة الانمائية وتنفيذها.
فالإنسان بنظره هو القيمة، وهو الأداة، وهو الغاية، منه تنطلق الرؤى ومنه يتمّ الإنماء، وإليه يهدف التطور. فالإنماء وسيلة إنسانية لإغناء حياة الإنسان، مادياً وروحياً، وتحسين ظروفها، وتحقيق رفاهها، ودعم إبداعها.
ورأى حسن صعب في الإنماء رسالة تحرير للّبنانيين من اليأس الذي يتخبّطون فيه منذ العام 1975. وأكد أن في الإنماء تحريراً للإنسان من التخلّف، وأدرك أن الإنماء دعوة للتحرر من جميع أشكال العنف الغابية كما سمّاه، ونظر دوماً على أنه قاعدة الإستراتيجية اللبنانية والعربية لمواجهة العدوان الإسرائيلي والقوى الاستعمارية التي تدعمه وتحميه.
حسن صعب إستبق الأحداث وقال إنه على يقين بأن لبنان يتحوّل من حالة الحرب إلى حالة السلم، ولكن هذا التحوّل يجب ألاّ يكون تحوّلاًّ عشوائياً بل تطويراً عقلانياً من التخلّف إلى التقدم، ومن الغابة إلى الحضارة، وإلى العيش بكرامة لجميع مواطنيه. وهي في نظره جوهر التطوير الإنمائي.
وأدرك أننا مدعوون للتفاعل والتعاون مع الأشقاء والأصدقاء، في هذا العالم، الذي أصبح حاضرة كونية واحدة، بفضل إعجاز التواصل الاعلامي اللحظوي.
وأكد بأن لبنان الذي جعلوه مقبرة الإنسان، سنستعيده منارة الانسان، ونحن نعيد تأهيل إنسانة، ليحقق فيه إنسانيته تحقيقاً إبداعياً متكاملاً.
كان معلمي رجل وحدة لبنان الحقيقية، لأنه كان يؤمن بأن لا وحدة بدون إنماء صحيح متوازن وعدالة إجتماعية شاملة، فكان صوتاً وحيداً صارخاً في البرية. أذكره اليوم وأذكره كل يوم لأن الخالدين يذكرون في كل ساعة، ويمجدون في كل آن. رحم الله من رحل ضحية إنماء الانسان كل إنسان وكل الانسان .