خاص – الاعلامية ريما كركي لموقعنا: اليوم أنا أحلى ولهذا السبب أبكاني موضوع سجن رومية و”للنشر” أصبح جزءاً من حياتي!
بيروت – إبتسام غنيم
هي حقيقية، تجمع بين الجرأة والرقة، وبين القوة والأنوثة الساحرة، وبين الذكاء والعفوية… قبلت التحدي وكانت أهلاً له، تكلمت في “للنشر” فجاء كلامها يُشبهها، فهي ليست مما يرتدون وجه شخص آخر كقناع، هي ريما كركي التي أمتعني اللقاء معها فكان لموقعنا حوار ينبض بالحياة كقلبها الكبير المُفعم بالمحبة والخير.
- ماذا تغير بريما كركي قبل “للنشر” وبعده؟
– كلّنا نملك بداخلنا أفكاراً نخطط لها، لكن يوجد تجارب نمر بها مثل تجربتي في “للنشر” التي جعلتني أوسع إنسانياً، وأمنح الآخرين مبررات لافعالهم وتصرفاتهم، وأشعر ضمناً أنّه لا زال يوجد بداخلي دوراً لم أستغله بعد.
(وتضيف) “للنشر” جعلني أشعر بالإمتنان أكثر لرب العالمين الذي منحني أكثر مما أستحق، وجعلني أرى بعينيّ الواقع كم هو صعباً، لطالما شاهدنا قصصاً في الافلام السينمائية، ولطالما تأثرنا لكن حين نلمس وجع الناس بلمس اليد شيئاً ما بداخلنا يتغير تلقائياً، اليوم أنا إنسانة أجمل بكثير مما كنت عليه بالسابق.
- لكن “للنشر” وضعك بمنافسة مع باقي البرامج والزملاء الاعلاميين؟
– لا تشغلني المنافسة أبداً، ومرة لم أفكر على هذا النحو، لانني أؤمن أنّ للكل مكانته لاسيّما مثل برنامجي “للنشر”، لسبب أنّ قضايا الناس لا تنتهي، الكل يعاني من عذابات ومشاكل وتعب وقهر ويطالبون بحقوقهم، بالعكس أتمنى من كلّ المحطات أن تُقدم أكثر من برنامج مثل مضمون “للنشر” لنفيد مجتمعنا أكثر، والمنافسة حتماً ستحقق إنجازاً أو تحصيلاً لحقوق المهدور حقهم وهذا أمر جميل أن نساعد من هم بحاجة، لذا لا يشغلني من طرح قضية قبلي أو بعدي لأن الملفات مليئة بالقضايا المتنوعة، ومن هنا لم أشعر مرة أنني بخطر أو أن أحداً يزاحمني، بل بالعكس أقدر مجهود الآخرين الذين كلما تقدموا أشعر أنّ الاعلام يتقدم ويفيد المجتمع ويُحسّن من موقعه على حدّ السواء.
(وتضيف) أفرح عندما أشعر بطاقة مشتركة بيني و بين الزملاء لنفس نوعية برنامج “للنشر” لاسيّما وأن علاقتي بالجميع جيدة جداً وأحبهم وأتمنى لهم الخير، كما أؤمن أن الارزاق بيد رب العالمين والرب قسّم لنا أرزاقنا وما علينا الا السعي والجهد والمثابرة، ولكل مجتهد نصيب من النجاح ولو بعد حين شرط أن يُحبّ العمل الذي يقوم به.
- ريما كركي تثيرين الجدل بمطلق موضوع تطرحينة؟
– طبعاً، الحياة بحدّ ذاتها مثيرة للجدل بلا ترتيب.
- البعض ينتقد إسكات ضيوفك أو طريقة المناقشة التي تخوضينها معهم؟
– الناس ألوان لا تشبه بعضها، هناك من يحبّ طريقة طرحي، وبالمقابل أمراً طبيعياً أن يكون هناك فئة تنتقدني، بل هناك من يرفض ما أفعله حتى لو كان إيجابياً، لكن فيما خصّ موضوع مقاطعة ضيوفي فهذا شيء أعترف به لكن أفعله لصالح الموضوع، إذ أنّ البرنامج يتمحور حول خمس موضوعات لكل منها فترة ربع ساعة أو ثلث ساعة، وفي كل فقرة عليّ مناقشة ثلاث ضيوف.
(وتابعت) في الغرب يطلّ الرئيس لمدة ثلاث دقائق ليقول زبدة الكلام، ومن هنا عندما أستحضر ضيفي يكون لمسألة محددة وعندما يستطرد بالكلام أضطر عن مقاطعته لصالح الموضوع، إذ يهمني التطرق لصلب القضية فقط ولصالحه أي للضيف وبالتالي لاخدم عنوان الفقرة، لكنني مؤخراً بتّ أخفف من مقاطعة الضيف وصرت أقول لهم قبل الظهور على الهواء أن يلتزموا بالمدة المحددة لهم وبالفكرة لضيق الوقت، بالاضافة الى أن البرنامج مباشر وهناك إتصالات مباشرة تحصل فجأة قد تأخذنا لمحطات أخرى، وأحياناً نتفاجأ بتعليقات أو ملحوظات نتعمد أن تربكنا لنصل لهدفنا بختام كل حلقة.
- ما هي أكثر حلقة آلمتك؟
– كثر كثر، بالفترة الاولى عندما بدأت تقديم “للنشر” كنت مهمومة كلي بقضايا الناس ومشاكلهم، وصار بيني والحالات تقارباً، وصرت أشعر أن دوري صار أبعد وأعمق من طرح القضايا، فحملتها على عاتقي، وصرت بحالة بحث وتنقيب ومتابعة للجميع، وكلنا كفريق عمل “للنشر” نتمتع بإنسانية فائقة، نانسي رزوق ورضوان مرتضى نتشابه بالروح وبالنا دائما مشغول على فلان وعلان وأين علينا أن نؤمن معيشة الناس التي ظلمت، والفتاة التي طردت من بيتها، وخلافهما من القضايا التي صارت جزءًا من همومنا وحياتنا، وصدقيني رغم التعب النفسي الذي نعيشه في خضم القضية الا أننا نشعر بفرحة كبيرة عندما نحلّ المشكلة، ومن هنا صرت أزهد في كل الاشياء لا سيّما المنافسة.
- لكنّك مُلقّبة بأمّ المشاكل؟
– (تضحك ملياً وتقول) هذه المزحة أحبها، الجمهور طيّب ويمازحني وأنا أسعد بتلك التعليقات المهضومة، لسبب أنهم يعتبرون أنني أخوض المشاكل لصالحهم، وأوصل أصواتهم، والمسؤولية تُسعدني، وأشعر أنني بعالم آخر بعيداً عن المنافسة ومن أفضل إعلامي وإعلامية، وأيّ من البرامج هي الاهم، وسعيدة ببرنامجي الذي يُجسّد كلّ ما يعاني منه الناس على كافة الأصعدة، وأيضاً كل الزملاء يعملون بمجهود كبير، وبقدر ما نخدم الناس ومجتمعنا بقدر ما نفيد إعلامنا.
- لم تتطرقي لقضايا فنية كثيرة بإستثناء قضية الكليب المثير للجدل”سيب إيدي” للمخرج وائل الصديقي؟
– هذا المخرج ظُلم، والمواضيع التي تعتبر بين مزدوجين هابطة، عليّ أن أبحث بكواليسها وحتماً سأستنبط وجعاً معيناً، هذا المخرج قدّم أعمالا جيدة للغاية، ولم يلقَ أيّ إهتمام، فكان أن طرح الكليب الذي رفضه الناس جمعاء، لكن هو ضمناً كان يحمل وجعاً بسبب الجهد الذي تكبده على أعماله ولم يهتم بها أحداً، عندها طرح الكليب الذي أثار صرخة، وبيّن للناس أن الجمهور تابع الكليب ولم يتنبه لاعماله السابقة القيمة، وهنا كان لابدّ أن أستضيفه وغيره شرط أن أستخرج منه قيمة لا أن أتسلى به بل لأنقذه ولأعرف لماذا وصل به المطاف على هذا النحو الهابط، ببرنامجي عليّ طرح كل الموضوعات والتحدث بها بعمق.
- متى يبدأ الموسم الجديد من “للنشر”؟
– آخر شهر ايلول /سبتمبر، سيكون الموسم الرابع، إذ مرّ على تقديمي “للنشر” أربع سنوات، هناك أشياء عليّ متابعتها بالموسم الجديد، وطبعاً قضايا جديدة سنتطرق اليها.
( تصمت قليلا وتضيف) أنا أحبّ برنامجي فقد أصبح قطعة مني، علماً أنني مشهورة بترك برامجي بقمة نجاحها، عندما كنت بالمستقبل كنت أذهب الى الادارة وأطلب منهم توقيف برنامجي فيستغربون طلبي، انا أحبّ أن أنسحب من البرنامج وهو بذروة نجاحة بإستثناء “للنشر”، الذي بحره واسع علماً أنني أؤمن بالتغيير الذي هو أساس النجاح.
- أحببت برنامجك السابق “وكبرنا”؟
– كان جميلاً، وأعتقد لو قدم في هذا التوقيت لقدمته بحلّة مختلفة، وبداخلي أفكاراً عديدة ومتنوعة، أيضاً أحب برنامجي “لايك هالحكي” و”بدون زعل” كانا يتضمان نكهة مميزة.
- تكتبين الفكرة بنفسك؟
– أنا مع الاعلامي الذي يكون صاحب أوراقه، حتى يستطيع بكل بساطة أن يستغني عن تلك الاوراق لانّه يحفظها عن ظهر قلب، والمذيع المتمكن مختلف عن المتورط بالاسئلة، فالاول يعرف كيف يعتمد على جواب الضيف ليستنبط أسئلة متنوعة وأنا مع تلك النوعية من الاعمال.
- عملت بالاذاعة والتلفزيون والكتابة يعني إعلامية وهذا اللقب أصبح يطلق على من هب ودب فكيف تقيمين هذه الوضع؟
– لا يوجد مهنة إلا فيها أشخاصاً مميزين ولهم من ينتظرهم بشغف، لكن لي وجهة نظر وأرى العجقة صحيّة، والجيل الجديد من الاعلاميين ذكي لانه جيل السوشيل ميديا والسرعة، ويوجد مزاحمة يعاني منها ومن سرعة العصر على عكس الفترة السابقة حيث كان الاعلام محصوراً بالمطبوعات وبعض المحطات المتلفزة وبضعة إذاعات، وصدقيني يوجد شباباً مجتهدين ومثابرين لكنّهم لا يظهرون بسبب الزحمة والسرعة لكنهم يُقدّرون على جهودهم وعلى تعبهم حتى لو لا يملكون الجماهيرية، لذا الجيل الجديد لديه أيضاً صعوباته ومنهم المثقف الذي يقرأ بأكثر من أسلوب، يعني من الاخبار المختلفة يستطيع أن يستنبط أفكاراً مهمة، صدقيني يوجد مليون منبعاً للثقافة حتى في طريقة الحوار مع الاخر تخرجين منه بثقافة مهما كان وضعه ومكانته، المهم أن نعرف كيف نستفيد ونتثقف، من هنا أنا متفائلة من الجيل الجديد.
- من الشخصيات التي عينك عليها؟
– كثيرة التي أتمنى محاورتها، لو كنت بعصر عبد الحليم حافظ لفعلت المستحيل لاحاوره، وأحب زياد الرحباني، ومحمود ياسين وكل الكتاب المثقفين والادباء، لا اريد أن أتورط بالاسماء لكن صدقيني يوجد كثر أتمنى أن أحاورهم بشتى الموضوعات.
- ماذا يستفزك؟
– القضية التي أحب أن أخوضها هي قضية سجن رومية الذي زرته، وبصراحة “شيء لا يُطاق”، كانت حالة يرثى لها، زرت الشباب الذين دون سن الثمانية عشر، وكيف أنهم بلا محاكمة وتعرفت على أهاليهم، ولمست الضياع الذين يعانون منه، والظروف التي يعيشون بها، “ياريت فينا نعمل تغيير كبير بهالموضوع”.
(وتضيف) هذا الموضوع أبكاني وكانت المرة الاولى التي بكيت فيها، لإيماني أنّ من يريد أن يقدّم برنامجاً قاسياً يجب أن تكون أعصابه من فولاذ، يعني أن يتألم من الداخل ويظلّ متماسكاً أمام الجميع… أذكر أنّها المرة الأولى التي أنهيت بها التصوير، ووصلت الى بيتي وما إن جلست لوحدي حتى أجهشت بالبكاء لوحدي ولا أنسى ذلك اليوم.
- “للنشر” جعلك شخصية قوية لكنّك ناعمة في الوقت نفسه ؟
– أنا شخصيتي فيها التناقضات يعني ممكن أن أقاتل وأن أشاهد فيلماً رومانسياً في آن، لكن “للنشر” جعلني أغطس بقضايا الناس وجعلني جميلة من الداخل أكثر من ذي قبل، اليوم أنا إمرأة جميلة بقلبي ومشاعري
- هل ندمت على حلقة معينة؟
– مرة لم أندم على شيء حتى لو أخفقت، ومن لا يندم لا يعمل لا سيّما مهنياً، الاخطاء هي التي تطورنا وتجمّلنا.