يوسف الحويك جمع الجسم الإعلامي برحيله… الرياشي منحه ميدالية وزارة الإعلام ونادي الصحافة أطلق جائزة سنوية بإسمه
بــيــروت – ريـــم شــاهــيــن
شكّل رحيل رئيس نادي الصحافة السابق يوسف الحويك ومستشار الوزير بطرس حرب والمدير المسؤول في صحيفة الديار حالة فريدة من نوعها، فبالرغم من هول الفاجعة إلا أنّ ما من صحافي أو وسيلة إعلامية مرئية ومسموعة ومكتوبة و ما من موقع إلكتروني لم يحرص على رثاء الحويك وتقديم العزاء لعائلته بكثير من الحزن والأسى.
خسر الجسم الإعلامي أحد الصحافيين الأكثر تميّزاً ومهنية، فقد عرفته كرئيس لنادي الصحافة وكنت أخجل من تواضعه وإحترامه للذين لم يمرّ على دخولهم عالم الصحافة وعملهم كمراسلين سوى بضعة أشهر.
الحويك الذي فارق الحياة بعد أن سقط على رأسه في حديقة منزله في البترون، إستقبلت بلدته حلتا جثمانه بالورود وزفّت عريس السماء في مأتم مهيب مثّل فيه وزير الإعلام ملحم الرياشي الرؤساء الثلاثة.
الراحل كان صديق الصحافيين جميعاً، بإختلاف آرائهم ومواقفهم وإنتمائاتهم وطوائفهم وبدموع ملأت عينيهم وغصة في قلوبهم ودعوا زميلهم الذي منحه وزير الإعلام ميدالية وزارة الإعلام المذهبة.رحل من كان يلجأ إلية الصحافيين المغبونين ويطبون مساعدته من كان نصيراً لحقوقهم.
وقد ترأس صلاة الجناز راعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خير الله ممثلا البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وعاونه فيها حشد من الكهنة والرهبان.
وحضر الصلاة، وزير الاعلام ملحم الرياشي ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، النائب سامر سعادة ممثلا الرئيس امين الجميل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، نافذ قواص ممثلا الرئيس تمام سلام، فارس الجميل ممثلا الرئيس نجيب ميقاتي، مارك بخعازي ممثلا وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، النائب بطرس حرب وعقيلته مارلين، وفد من حزب “القوات اللبنانية” برئاسة النائب انطوان زهرا ممثلا الدكتور سمير جعجع، وضمَّ: رئيس جهاز الاعلام والتواصل شارل جبور، مديرة المكتب الاعلامي لرئيس القوات أنطوانيت جعجع، مرشح الحزب في البترون الدكتور فادي سعد، منسق القوات في البترون عصام خوري وحشد من مسؤولي المراكز وأبناء منطقة البترون، المهندس جوزف نجم ممثلا رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية، اميل العلية ممثلا رئيس حزب الاحرار النائب دوري شمعون، عضو المجلس الدستوري الدكتور انطوان مسرة، ممثل قائد الجيش العماد جوزاف عون العقيد الركن ريمون ناصيف، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان المقدم يوسف كوسى، نقيب المحررين الياس عون، مستشار وزير الإعلام ملحم الرياشي أندره قصاص، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان صعب، الوزير السابق سجعان قزي، رئيس نادي الصحافة بسام ابو زيد، على رأس وفد من النادي، وفد من جريدة “الديار” برئاسة حنا ايوب، قائمقام البترون روجيه طوبيا، قائد منطقة جبل لبنان في قوى الأمن الداخلي العميد جهاد حويك، رئيس اقليم البترون الكتائبي أرز فدعوس، رئيس مجلس إدارة المؤسسة “اللبنانية للارسال انترناسيونال” بيار ضاهر، الدكتور فؤاد أبو ناضر، رئيس مجلس الأعمال اللبناني – العماني شادي مسعد وحشد من الاعلاميين من رؤساء البلديات والمخاتير والفاعليات السياسية والامنية والقضائية.
وتلا القيم الأبرشي الخوري بيار صعب الرقيم البطريركي، وجاء فيه: “البركة الرسولية تشمل ابناءنا وبناتنا الاعزاء: داود وشقيقيه وشقيقاته، اشقاء المرحوم يوسف حنا الحويك وعائلاتهم وسائر ذويهم وأنسبائهم في الوطن والمهجر المحترمين.
آلمتنا جدا كما آلمتكم وفاة العزيز يوسف المفاجئة والمبكرة، وهو في الثامنة والخمسين من العمر، وهذا مصاب أليم وخسارة كبيرة حلا بكم وشملا الوزير السابق النائب الشيخ بطرس حرب ونقابة المحررين ونادي الصحافة وأسرة “الديار”. كلهم بالأسى الشديد تلقوا الخبر المر، وعبروا بالكتابة عبر الوسائل الاعلامية وتقنياتها عن الخسارة الكبرى، مشيدين بشخصيته ومزاياه العديدة، ونحن حين تلقينا الخبر المفجع، بادرنا الى الصلاة لراحة نفسه ولعزاء قلوبكم.
ثم توالى على الكلام ممثل رئيس التحرير العام لجريدة “الديار شارل ايوب ورئيس نادي الصحافة الزميل بسام أبو زيد الذي أطلق جائزة يوسف الحويك للصحافة كجائزة سنوية يقدمها النادي إلى من يبدع في عالم الصحافة، لا سيما من طلاب الجامعات.
ثم تلا برقية تعزية من وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، ثم كلمة نقيب المحررين فكلمة الوزير ملحم الرياشي الذي قال “يوسف الصديق، يوسف الصديق، يوسف الشجاعة، يوسف القيم، الأخلاق، الدماثة، الحضور المميز في كل يوم، في كل لحظة، في كل مهاتفة، يوسف الذي لم يجرح يوما إنسانا، يوسف الذي كان يقبل الآخر كيفما كان هذا الآخر، يوسف الذي عرف الجائع فأطعمه، العطشان فسقاه، والسجين فزاره، والمريض فعاده، يوسف من السماء وإلى السماء يعود، يوسف تاج تدحرج عن جبين الصحافة، لي الشرف اليوم أن أقف بينكم لأضع على نعشه الميدالية المذهبة للصحافة من وزارة الاعلام”.
و أخيراً كلمة الوزير بطرس حرب باسمه وباسم العائلة قال فيها:”ما أصعبها ساعة علي أنا الذي كنت على موعد معك، لأقف إلى جانبك سعيدا أشبينا لعرسك الموعود، أن أقف اليوم حزينا أمام نعشك راثيا إياك. وما من مهمة أشقى علي، أكثر من أن أستطيع، ببضعة أسطر، التعبير عما في قلبي وعقلي تجاهك، والحؤول دون غصة الفؤاد التي أبكمتني بعد إعلان وفاتك فحالت دون قدرتي على الرد على الاتصالات للاطمئنان إلى حالتك، لأتمكن من رثائك أمام محبيك وقادريك وعارفيك وجمهورك وعائلتك المفجوعة بفقدانك. فبقدر ما يؤلمني فقدانك يا يوسف، فبالقدر عينه يعزيني ما شهدته وأشهده، إذ لم أر شخصا معزيا بخسارتك إلا والدموع تملأ عينيه”.
اضاف: “فنحن هنا اليوم، ليس للمشاركة بعزاء، نحن هنا لأننا أهل المصاب، لأننا أهلك وأصدقاؤك ومحبوك، لأننا كلنا فجعنا بالمصاب بفقدك. بماذا أناديك، أخي، صديقي، مستشاري، رفيق السنوات الصعاب الملأى بالتحديات والمخاطر. لست أدري يا يوسف، لأن أيا من هذه الصفات لا تفيك حقك، ولا موقعك، فأنت كل هؤلاء معا. قد يظن البعض أنني فقدت مساعدا ومستشارا إعلاميا، والحقيقة إنني فقدت جزءا مني، من نمط حياتي، من خيرة أصدقائي، وفقدت رفيق نضالي الذي لم توقفه مخاطر، لم تردعه صعاب، ولم يوهنه مكسب مادي أو مركز معنوي. ففي الربع القرن الأخير من حياتنا، أي منذ خمس وعشرين سنة، لم تفارقني لحظة، ولم تأبه لخطورة التزامك بي وبمبادئي أو مرافقتي ومساعدتي في خوض المعارك، وكلها معارك العين والمخرز، حيث كنا العين ولم نرتدع. وإذا طلب إلي، بعد مساري الطويل معك، تشخيص الوفاء والإخلاص والصدق والالتزام، فليس ما يمكن بنظري أن يجسدها كلها إلا إسم يوسف الحويك”.
وتابع: “لقد عشنا معا، بحيث أصبحت جزءا من حياتي اليومية ومن مشاريعي السياسية. ففي كل عرس كنت القرص، وفي كل معركة كنت رأس الحربة، وفي فرحنا كنت البسمة والعجقة، وفي مجالسنا كنت اللطيف الأليف الأديب. لقد وقع خبر سقوطك كالصاعقة علينا، علينا كعائلة، علينا كخط وطني نضالي، علينا كفريق عمل سياسي يعمل من أجل تحقيق مبادئ وأهداف وطنية ثابتة. لقد عملت إلى جانبي طويلا، ما سمح لي بمتابعة وتقييم مسارك، وأود أن أسجل لك أن طموحك المهني ميزك، فرفع مقامك بين أترابك وزملائك، لأنك رفضت تغييب صوت الأجيال الجديدة من الشابات والشباب الإعلاميين، فأنشأت، مع بعض من شاركك هذا الهم، نادي الصحافة، بغية جمع كلمة من لا كلمة لهم من زملائك، وبغية ضخ دم جديد قادر على مواكبة التطورات في عالم الإعلام الحديث، وعلى مواجهة التحديات الكبيرة التي طرحتها”.
واردف: “الأهم في مسارك، أنك رفضت الاستئثار برئاسة النادي وقبول التجديد لك كرئيس للمرة الثالثة رغم إلحاح زملائك، أعضاؤه عليك، فخضت معركة إنتخاب خلف لك، دون أن تتخلى عن مسؤولياتك، تجاه ناديك، فقبلت بتولي المديرية التنفيذية فيه. وإذا ذكرت هذه الواقعة أمام نعشك، وبعد وفاتك فلتكريس نبل تصرفك وعمق ديمقراطيتك، وهي صفات تكاد تصبح نادرة في أيام القحط والبؤس التي نعيش. ويكفي أن ننظر اليوم إلى زملائك بين هذه الجموع الغفيرة التي تقاطبت من كل بقاع لبنان لوداعك، فقل ما نجد عينا من أعينهم خالية من دموع الحزن والأسى والتقدير”.
وقال: “أيها الفقيد الغالي، أستمحيك عذرا لأنني عاجز عن إيفائك حقك في بضعة سطور، إلا أنني أسيء إليك إذا أهملت ذكر إنسانيتك وأخلاقك ووطنيتك. لقد كانت مسيرتك الشخصية والاجتماعية موضع إعجاب واحترام، لأنك استطعت جمع الكفاءة والجدارة والمركز المتقدم في مهنتك بالطيبة والبساطة والوداعة والعفوية. فلم يقعدك مركزك كرئيس لنادي الصحافة، وكإعلامي مرموق مثلا، من ممارسة هوايتك المفضلة كمصور تستل كاميرتك لتسجيل ما يطيب لك من أحداث ومناسبات، ما أكسبك محبة الناس. لقد عشت حياتك القصيرة بكامل طاقتك وحيويتك، لكنك لم تلحق ضررا بإنسان، ولم تتردد مرة في مديد العون إلى كل إنسان قصدك طالبا لخدمة أو مساعدة أو استشارة. لقد كنت مسيحيا حقيقيا ملتزما، فلم تجلس مرة إلى مائدة طعام، إلا ورسمت إشارة الصليب لتشكره الله على نعمه، ولم تكره يوما أحدا، بل كنت ممارسا لما أوصانا به السيد المسيح عندما قال: “أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم”.
اضاف: “لقد كنت ناقدا إعلاميا، ولاذعا أحيانا لردع الشتامين، لكنك لم تعاد أحدا، ولم تكن ضغينة لأحد، كنت جميل المعشر، لطيف المجلس، صاحب نكتة أنيقة ذكية تؤنس الفؤاد، وصاحب ابتسامة رقيقة ترضي العباد. ووراء كل ذلك، إن لم يكن قبل كل ذلك، كنت لبنانيا صافيا مخلصا، ومواطنا ملتزما بوطنه ودولته وبالأسس التي قاما عليها. لم أشهد لك موقفا يعاكس التزامك وقناعاتك. كنت نقيضا للمرتزقة الذين يطبلون ويصفقون لمن يكرمهم ويشتري ضمائرهم. كنت حر الضمير نصير الحق. وقد يكون ذلك أهم ما جمعني بك وما جمعك بي. فوفاؤك وإخلاصك في مواكبتي ترجمة حقيقية لأخلاقيتك الرفيعة، التي لم تستطع مغريات الدنيا الكثيرة التي عرضت عليك من زعزعتها. فيا يوسف، يا عزيزي، بغيابك المفاجئ سقط مدماك كبير وأساسي من بنياننا، ولي الفخر أن إسمك التصق بإسمي ومواقفك بمواقفي، ورسائلك النصية والمسجلة بمساري، وأعلم أنك ستترك فراغا كبيرا لن يستطيع أحد غيرك أن يملأه. رحمات الله عليك يا رفيقي وصديقي، فمن هم مثلك، وإن غابوا عنا بالجسد، لا يموتون، لأن ذكراهم ستبقى خالدة في عقولنا ونفوسنا إلى الأبد”.
وختم: “أتقدم، بإسم عائلة يوسف وبإسم آل الحويك وبإسم هذه الحشود الغفيرة، باسمي الشخصي بأسمى آيات الشكر لكل من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ودولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري اللذين أوفدا معالي وزير الإعلام الأستاذ ملحم رياشي لمشاركتنا في تشييع فقيدنا الغالي. كما أشكر صاحب الغبطة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي السامي الاحترام، وأشكر كل من شاركونا في تشييع فقيدنا داعيا الله أن يبعد عنهم أي مكروه”.
إلى ديار البقاء أيّها الزميل العزيز، نعم سيتفقدك الجسم الإعلامي كثيراً في وسط بات أصبح فيه الوسط الإعلامي أشبه بالبحر المليء بأسماك القرش والكبير يأكل الصغير والبقاء للأقوى …الأقوى بواسطته وبنفوذ من يدعمونه…رحمك الله يا يوسف ورحم حال الصحافة من بعدك.