خاص- الكاتب كرم النجار: مواجهة الارهاب بتوحيد الفكر العربي وليس السلاح!!

بيروت – إبتسام غنيم

كرم النجار إسم أشهر من نار على علم في عالم التأليف الدرامي والمسرحي والسينمائي، وهو صاحب الملحمة الخالدة “محمد رسول الله” علماً أنّه مسيحياً قبطياً ويومها كتبها بناءً على طلب التلفزيون المصري، خصوصاً أنّه يحمل إمتيازاً بالفقه الاسلامي. واليوم وسط الارهاب الذي يعمّ المنطقة كان لابد من محاورة كرم النجار الذي إستهجن إنفجار الكنائس في مصر وحادث أتوبيس المنيا، كما سبق وأبدى إعتراضه الشديد على حكم الاخوان إبّان عهد محمد مرسي.. في القاهرة كان معه هذا الحوار بعد إنفجار الكنائس وحادث المنيا، والذي بدأه بالقول:

– الامر صار صعباً للغاية ولابدّ من مواجهة عربية كاملة، وليس مصرية فقط، يجب أن يتحدّ العالم العربي بفكر أو بآخر حتى لو كانوا فاشلين في الاتحاد، لكن على الاقل عليهم أن يتّحدوا من أجل حماية حياتهم، وإن لم يستطع العرب ذلك، فما قيمتهم؟ الطوفان سيجرف الجميع.

*كنت في الكنيسة لحظة وقوع الانفجاران في الكنيستين للاحتفال بعيد الشعانين، وكثرإنتابهم الغضب من المسلمين يوم إنفجار الكنائس ماذا عنك أنت صاحب ملحمة “محمد رسول الله”؟

– كنت لحظتها داخلاً الى كنيسة ماري مرقص في مصر الجديدة، وسمعت بالكارثة أي الانفجار في كنيسة القاهرة وبعد ربع ساعة حدث إنفجار كنيسة الاسكندرية، فشعرت بغضب شديد من الارهابيين وليس المسلمين، ما حصل ويحصل هو حالة تطرف بالفكر الاسلامي الذين يشوهونه ويبنون عليه مواقفاً كثيرة. وهنا مكمن الخطورة بالمشكلة، بعدها وقع حادث المنيا، ما يعني أن مواجهة هذا الارهاب لن يكون سهلاً، لذا لابد من إعادة صياغة التفكير لفهم بعض النصوص الدينية بالاسلام، إذ كثر من المتشددين يستندون على تفسير خاطىء لبعض آيات القرآن الكريم. ومن هنا يشوهون الدين وانا أشكك بعلمهم بالاسلام الذي يُدين التطرف، لاسيما فكرة القتل وإقران مشروعه بالاستبعاد وتقسيم الناس فهذا يعني أننا ذاهبون لا محال الى كارثة، الناس تختلط فيما بعضها، وما يحدث هو من داخل الفكر ومكمنه لذا أكرر ضروري إتحاد عربي وليس توحيداً للسلاح.

مسلمون غضبوا وإستهجنوا ولا ننسى دعم أميركا لداعش!

*قبل داعش كان يوجد إرهابيون ايضاً؟

– صحيح وتحت مسمّيات عدة، قبل سنوات عندما وقع الانفجار في كنيسة القديسين لم يكن لداعش وجود حينها، لا نريد تبسيطاً للمشكلة وداعش ليست وحدها مكمن الارهاب، هناك افكاراً كانت منذ فترة تمهّد لداعش، وعلينا أن لا ننسى المساعدات التي قدمتها أميركا لدعم داعش، ومع ذلك الخيانة الاساسية من الداخل تحت راية الدين الاسلامي الذي هو منها براءة.

*ماذا قال لك زملائك النجوم المسلمون؟

– بصراحة كانوا بحالة غضب شديد، وعزوني أثناء إطلالاتي التلفزيونية بحرارة كلها صدق، كانوا بغاية التأثر وكلامهم يعتريه الاستهجان وليس عبارات المجاملة، خصوصاً عندما قلت”هل قدرعلينا أن يفجر لنا كنيسة أو كنيستان في كل مناسبة؟ هل نصلي  في الشارع؟”

*الظابط الذي ردع الارهابي وقضيا سوياً كان مسلماً من آل الركابي؟

– صح، وكان رحمه الله يحمي المصلّين  في الكنيسة وإشتبه بالارهابي وعمد إلى ردعه لكن الاخير فجّر نفسه على الفور فمات الجميع، ما أريد أن اقول أنّه لا يوجد مسلم يقتل مسيحياً أو بالعكس بل يوجد فكر متشدد يقتل الاخر أياً كان دينه.

* أين دور الدراما بذلك؟

– بصراحة الدراما لا تستطيع وحدها أن تقاوم فكرة متشددة، لكنها تستطيع أن تهدأ الاجواء وتخلق افكاراً جميلة مليئة بالحب والاعتراف بالاخر، لكن لن تقتلع جذور الارهاب التي هي أكبر منها بكثير، الدراما لا تستطيع أن تجادل بل تلقي الضوء.

 

* لكن بإمكانك كتابة مجادلة عن الارهاب؟

– الغبي هومن يقول أن الاسلام هو الذي يقتل، لانه لو كان هذا الامر حقيقياً لكنت أول من ناقشت هذا الامر بعمل درامي، الموضوع تعدى هذا الامر، الارهابيون حولوا الاسلام إلى مطيّة للوصول الى أهدافهم. هل يعقل بعد كل السنوات من نشر الدعوة الاسلامية أن أناقش من أن الاسلام براءة من الارهابيين ؟ طبعاً لا.. الرب عادل وهو خالق كل عباده وسيحاسبهم افراداً وليس جماعةً، القضية ليست إسلامية ولا أقول ذلك مجاملة لمشاعر المسلمين بل أقول الحقيقة عن علم وثقة ومعرفة وكوني أحمل إمتياز بالفقه الاسلامي بالاضافة إلى دراستي للشريعة الاسلامية لمدة أربع سنوات.

لذا كلامي نابعاً عن منطق ودراسة ولا اسمح لاحد أن يشككني بالاسلام الذي هو اليوم بحاجة لمبصرين يدافعون عنه من المتشددين، كما علينا أن نهتم بمناهج التعليم بالازهر أكثر، وكيفية الشرح والبعد عن التفسيرات الفقهية المبالغ فيها. ونحن في المنطقة العربية يوجد أشخاصاً ذات فكر رجعي يمكن غسل مخهم بسرعة.

(ويتابع) أيضاً يوجد فكرة المذاهب التي يجب أن نتخطاها، يعني أنا مثلاً عاشقاً لبلاغة الامام علي كرم الله وجهه، وعمر إبن الخطاب ولعدله.

(ويعلق) ذهبت إلى لبنان إبان الحرب وجلست مع عدد منهم وسهرنا وكانوا من عدة مذاهب. وفي اليوم الثاني تفاجأت أن القنص “شغال وبيضربوا بعض”، وفي المساء كانوا يتزاورون فضحكت وتفاجأت بهذه التركيبة، لذا هذه المذهبية ليست حقيقية لانكم شعب تحبون بعضكم من الصميم مهما حصل ومهما تعددت طوائفكم ولستم عنيفون ابداً. كل طائفة تريد أن تشعر بالتميّز فقط لا غير، ولا يستوجب هذا الامر أن يجعل بينكم أية عداوة، لذا يجب تطهير كل الافكار المتشددة وبعدها نحل المذهبية التي لا خوف منها لا سيما في لبنان.

الوطن العربي صار مهرجاناً والمذهبية  في لبنان تركيبة للتميّز

*ماذا تريد أن تقول في مسرحيتك المهرجان؟

– أتطرق فيها لثورة 25 يناير في مصر، وأطرح سؤالاً هل قادت إلى حالة بناء أو حالة تفكك؟ وهل ما حدث كان حقيقياً أم أن الاخوان ركبوا الموجة وحققوا تواجداً على الساحة؟ الاحكام المطلقة لا أحبها لان بداخلي يقيناً من أن الايمانات المصرية إهتزت أي الحرية صارت فوضى والعدالة تحولت إلى قوة كلها يجب الاعتراف بها بغية تصليح الامور، وما يحصل من إدعاء بالديمقراطية والتوك شو الذي يقدم في التلفزيون كل ليلة هو نوع من الدجل السياسي، والمرشح لبطولة المسرحية فتحي عبد الوهاب وأنوشكا وغيرهما والمسرحية كلها إسقاطات سياسية مباشرة ضمن قالب إستعراضي ميوزيكال.

*الوطن العربي صار مهرجاناً؟

– بالظبط هذا ما سأقوله بعملي، الوطن صار بوتيكاً مفتوحاً لكل الآراء، وإن الدول العربية وقعت في الفخ الذي نصبه لها الغرب نتيجة خيانات داخلية، وفكرة الحرية الحقيقية صارت “الانا ومن بعدي الطوفان”، ونمو ظاهرة الارهاب تفشّت بعد الثورات، والعاقل هو من يعي أنه في مهرجان وينظم موسيقاه على هذا الاساس ليقينه أنها ظاهرة سيرميها متى شاء.