بالفيديو – بعد طول إنتظار.. “مولانا”يبصر النور في لبنان

 بيروت – ريم شاهين 

“مولانا” الفيلم الذي أثار موجة كبيرة من الجدل بين الجهات الدينية والمنتج اللبناني صادق صبّاح،أخيراً أبصر النورأمس،حيث إنطلق عرضه الأوّل في سينما سيتي في بيروت، بحضور أهل الفن و الإعلام،الذين تهافتوا للحصول على مادة إعلامية دسمة قد تثير الحساسيات الطائفية،و لكن حصل ما لم يكن في الحسبان، إذ أن الفيلم يحتوي على رسالة هادفة يحتاجها اللبنانيين بشدّة،و بحسب المنتج الصبّاح هي رسالة التلاقي والوحدة والمحبة.

و كان الصباح قد رفع الستارعن الفيلم بعد مناشدات الصحافيين والنقاد السينمائيين،وخصوصاً المقالة التي نشرتها الصحافة للزميل جمال فياض،إذ صرّح الصبّاح أنه لم يشأ أن يحرم الجمهور اللبناني من مشاهدة هذا العمل لما يناقشه من قضايا و يحمله من رسائل.

وكان الصباح قد أوقف عرض الفيلم،بعدما تمنّت عليه دار الفتوى في لبنان حذف أحد المشاهد من الفيلم،والذي إعتبرته ليس ضرورياً وقد يحدث تأثيراً سلبياً على شريحة من الجمهور.

“مولانا” دراما إجتماعية من إخراج وتأليف مجدي أحمد علي عن رواية للكاتب إبراهيم عيسى ومن إنتاج I productions،وشركة العدل الجروب/د.مدحت العدل قامت بدور المنتج المنفذ، أما التوزيع فهو لشركة Cedars Art Productions، للصباح الأخوان وأشرف على إدارة التصوير أحمد بشري أما مؤلف موسيقى الفيلم فهو عدل حقي و أشرف على المونتاج سولافة نور الدين و على الاخراج الفني هند حيدر وعلى هندسة الصوت محمد فوزي. والمدة الزمنية للفيلم 130 دقيقة وهو من بطولة عمرو سعد ودرّة وأحمد مجدي وبيومي فؤاد وريهام حجاج.

مولانا”هو في الأصل رواية للكاتب الصحفي إبراهيم عيسى نشرت عام ٢٠١٢ لتلقى نجاحاُ كبيراً دلّ عليه إصدار أربعة طبعات في عام واحد لتصل الرواية إلى الطبعة الثانية عشر فى عام ٢٠١٦ .

و تتناول الرواية موضوعات عديدة دينية وسياسية واجتماعية وذلك من خلال قصة الشيخ حاتم الشناوي وهو داعية مصري ونموذج للدعاة الذين لقبوا بشيوخ الفضائيات فى الأعوام الماضية.

وترصد الرواية مراحل تطور حياة الشيخ حاتم منذ أن كان إماماً بسيطاً حتّى أصبح من أهم وأشهر رجال الدين وما صاحب تلك الشهرة من تغير فى حياته وعمله وحتى ما يفتى به من فتوى دينية. ومن خلال تلك التغيرات تناقش الرواية قضايا شائكة ومنها علاقة رجال الدين بالسلطة والطوائف الإسلامية المختلفة من شيعة وصوفيين ومعتزلة با’ضافة إلى الجانب الخاص والا’نساني للشخصية

الفيلم هو بمثابة رحلة صعود لشيخ صغير في مسجد حكومي من مجرد قيادة الصلوات ليصبح داعيةً  تلفزيوني شهير يملك حق إصدار “الفتوى” التي يتلقاها الملايين بإعجاب لجرأته ومحاولاته للخروج قليلا عن مألوف الحديث السائد في مجتمع متأثر بدعاوى التشدد السلفي و بالفتور الذي أصاب علاقته الزوجية بسبب التأخر في الإنجاب.  أخيراً،وبعد سبع سنوات، يرزق مولانا بطفل يتعلّق به و يحبّه الوالدان بشدة.وفي حادث قدري وخلال وقوف الطفل خلف والده أثناء إلتقاطه صورة مع أحد معجبيه، يقع في حمام السباحة بدون دراية من الموجودين،ويؤثر بقائه في المياه لدقائق على مخه ويدخل في غيبوبة لفترة طويلة تضطره لدخول مصحة في الخارج.

وتتأثرالحالة النفسية لمولانا”حاتم” ولا يُخرجه من عزلته هذه سوى زيادة في برنامجه “افهم دينك” حتى يصبح الداعية الأكثر بروزًا على الفضائيات والذي يتردد إليه الشباب للبحث عن إجابة للتساؤلات التي تشغل بالهم.

وتسعى  مؤسسات أمنية للسيطرة على الشيخ وتوريطه من خلال دفع ريهام حجاج للإيقاع به وإلتقاط صوراً معه لتوريطه وإبتزازه. كما تورطه جهة سيادية عليا في حل مشكلة أحد أبنائها الذي يعرّض الأسرة الرئاسية إلى حرج لا تتحمله ظروف مجتمع هش،و هنا يعرض الفيلم مسألة التحويل من الدين الإسلامي إلى المسيحي من خلال أحمد مجدي”حسن أوبطرس” و الذي يتأثر بقراءة المنشورات ويعتبرأنّ الدين الإسلامي يحرض على كراهية المسيحيين، و يحاول مولانا في مشهدية مميزة بين الممثلين من أن يثبت له العكس من خلال الآيات القرآنية.

الفيلم لا يخلو من بعض الفكاهة بأداء مولانا و لا يناقش حصراَ قضايا دينية بل يتناول مشكلات أخرى كالمحسوبية وقسوة النظام الحاكم، والشرطة أيضًا، حيث يكون “حسن” سببًا في وقوع مولانا في الكثير من المشكلات، بعد محاولته الفاشلة في الانتحار وتفجير الكنيسة و الميول نحو التطرف.

و يعتمد مولانا على هذه المقولة لحلّ مشاكله :”إنني لا أستطيع قول كل الحقيقة.. ولكنني أبذل كل طاقتي لكيلا أنطق بغيرها”

وخلافاً لما إعتقده البعض،فإن الفيلم يصوّر الاسلام كما هو في الحقيقة دين  اليسر وليس العسر ويسلّط الضوء على عرض رسائل إنسانية ودينية ووطنية، بعيداً عن الإكراه،بالرغم من أنه قد ينتقد في طريقة نقل الأحاديث النبوية الشريفة.

ولا شكّ أن عمرو سعد تمكّن من تجسيد دوره بكلّ تفان و إخلاص، بحيث لبس عباءة مولانا من حيث أدقّ التفاصيل. وسبق وصرّح سعد بأنّه إرتداد السيدة زينب وتعلّم التجويد و التلاوة، ما سمح له بالإنطلاق والإبداع في تجسيد الشخصية.

أمّا الممثلة درّة و التي تلعب دور “أميمة”زوجة عمرو سعد في الفيلم، فهي كانت صوت ضميره ومصدر السعادة و الخوف والرهبة،و استطاعت أن تحتويه في اللحظات الصعبة و تصوّب مساره،عندما يخطىء.

كما عهد الجمهور الممثلة درّة، فبالرغم من مساحة دورها الصغيرة،إلا أنها تمكنت من خطف أنفاس الجمهور وجعله يشعر معها بكم الأحاسيس المختلفة الموجودة في كل مشهد قدمته،وخصوصاً عند إنهيارها لدى دخول إبنها المستشفى.  وقدأصبحت درّة رقم صعب تخطيه في عالم السينما والدراما، وبات يحسب لها ولأدوارها ألف حساب.

ولا يستطيع المشاهد المرور بدون التعليق على أدوار بقية الممثلين الذين نجحوا في نقل رسائلهم بأسلوب بسيط ومليء بالأحاسيس المختلفة،بالرغم من مساحة أدوارهم الصغيرة.

لا تفوتوا مشاهدة هذا الفيلم، لأنّ في تفاصيله تكمن الحقيقة وهو بمثابة متنفس للخروج من الأزقة الطائفية الضيقة و الإلتفات لمعالجة أمور أكثر أهمية قد تغيّر حياة الفرد بسرعة البرق..
<p style=”text-align: center;”>

 

 

 

 

 

شارك الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Facebook IconYouTube IconTwitter IconFollow us on Instagram