خاص – جوزيف بو نصار ورولا حمادة إنتصرا ببراعة في”الشقيقتان”ونادين الراسي تمكنت من متناقضاتها  

 

بيروت – إبتسام غنيم

عرضت قناة المؤسسة اللبنانية للارسال الـLBC مسلسل “الشقيقتان” من تأليف كلوديا مرشليان وإخراج سمير حبشي وبطولة نخبة من الفنانين اللبنانيين..

وتعود أحداث العمل إلى حقبة الستينات حيث الصراع الدائر في منزل كرم بيك (الذي لعب دوره الممثل جوزيف بو نصار) حول جريمة أراد إخفائها لسنوات حفاظأ على سمعة العائلة..

لا شك أن كل عمل فيه السلبيات والايجابيات و”الشقيقتان” أولى غلطاته هو العنوان كون الاخوة الاشقاء يختلفون عن الاخوة الغيرأشقاء. إذ أن الاشقاء يكونون من نفس الام والاب وفي مضمون الاحداث نجد أن ثريا(التي جسدتها  الممثلة نادين الراسي) هي الاخت الغير الشقيقة لضحى (لعبت دورها  الممثلة سارة أبي كنعان).

أما الغلطة الثانية فهي مبنى كلية الحقوق الذي كان بالامكان التصوير فيه في منطقة الصنائع كونه لا توجد كلية حقوق غيرها في تلك الحقبة فلماذا التصوير في أماكن لا تمت للحقيقة بصلة؟ هذا بالاضافة إلى بعض المصطلحات التي يقولها الممثلون مثل “فقر مدقع ومميت” وكان بالامكان استبدال العبارة بـ”فقر مش طبيعي” اي كلما كانت التعابير بسيطة كلما إخترق الاداء وجدان وقلب المشاهد..

أما عن تسلسل الاحداث فهو جميل وسلس ويشد المشاهد منذ الحلقة الاولى حيث لا تطويل في تسلسل الأحداث التي بات المشاهد يمل منها.ولعل أكثر ما جذبني بالعمل هما دوران الاول لجوزيف بو نصارالذي لعب دور البيك القاسي والظالم، لكن نكتشف ضمن سياق الاحداث أنه ضحية والده الذي رباه على القسوه وحرمه من أن يتعاطف مع شقيقه المريض،وقد أدى مشهد الاعتراف أي جوزيف بو نصار لحظة إلقاء القبض عليه بحرفية رائعة.

ونجد قبالته أي الدور الثاني القوي والمؤثر هودور النجمة الممثلة رولا حمادة التي جسدت دور زيون التي تصطاد السمك وتربي أولادها لكن هذا لا يمنعها من الاعتراف من أنهاأخطأت أيضاً في حيثيات كثيرة بتعاملها معهم،ولم تنسب لنفسها لقب الام المثالية التي عاشت أرملة تربي اطفالها اليتامى بعرق جبينها دون أن تمد يدها لاحد. وكانت في كل مشاهدها تلقائية وعفوية ورائعة كما اعتدناها..

أما نادين الراسي فقد لبست شخصية ثريا بإتقان فهي تضحك وتبكي، تشفق وتقسو وتعاني من روح والدتها التي تسكنها،والتي ما إن تعلم أنها مجرمة لكنها لا زالت على قيد الحياة حتى تفقد صوابها فتبكي وتنهار وتفرح وتختلجها مشاعر متناقضة جسدتها نادين وكأنها لا تمثل على الاطلاق لانها ممثلة بارعة بإمتياز.

كما أن الممثلة سارة أبي كنعان أدهشتنا، فهي من الممثلات اللواتي يتقن التمثيل بلغة العيون وتستطيع أن تتحكم بتعابيرها وحتى في المشاهد التي تتطلب منها أن تكون عصبية، فهي تحافظ على توازنها وتجسد المشهد ببساطة بدون over وهذا يعود لحسها العالي بالتمثيل.

وقدمت الممثلة زينة مكي دور البنت التي تحلم بالثراء وتتمردعلى واقعها وتغرم برجل أكبر منها وتسرق وتهرب من البيت، يعني بإختصار شخصية جديدة لا يمكن أن تكرهها رغم أنها سارقة وكاذبة بل تتعاطف معها لانها ضحية فقر مدقع لم يستطع عقلها الصغير ان يستوعبه.وما إن تعي المصيبة التي إرتكبتها حتى تسارع وتطلب الغفران من والدتها زيون أي رولا حمادة.

بينما جعلنا الممثل باسم مغنيه نعيش لحظات حبه لضحى وأحلامه التي لا تنتهي وتطلعاته بأن يكون محامياً كبيراً وكيف الظروف تعاكسه الا انه يظل على اصراره بتحقيق حلمه بالانتقال الى حياة افضل.إذ قدم دور العاشق الولهان بضحى والنادم على نزوة عاشها مع جارته الارملة حنان، وبين الندم ولحظات الغرام كانت ملامحة تعبر عن مكنوناته من دون أن يتكلم.

أما الممثل نيكولا مزهر الذي لعب دور جبران فقد كان رائعاً ودوره ليس اقل أهمية من غيره خصوصاً أنه في كل عائلة يوجد من يضحي أكثر من الاخرين،وجبران كان كذلك ضمن أسرة زيون.

بالمقابل نجد أن الممثلة نهلا داوود قد قدمت شخصية جديدة لكنها محورية وقوية وكان تمثيلها قوياً ومتناغماً في آن مع الاحداث، بينما كانت الممثلة رندا الاسمر العمة التي تجترع المر وتضحي بحبها الكبير بسبب جبروت شقيقها وتتكتم عن جريمة لا دخل لها بها فقط من أجل أن تربي أولاد اخيها بتفان وهي تبتلع وجعها على سنوات عمرها التي ضاعت منها وبقيت بلا زوج أو حبيب.

اما  فريد (جسد دوره  الممثل مازن معضم) فهو الدونجوان الذي يقع بالحب ويعمد إلى مساعده حبيبته ثريا للوصول الى أمها لانه يعي تماماً أنها تعاني من مشكلة نفسية منذ الصغر وليس لانها إنسانة شريرة فحسب، فيدخل الى دوامة مشاكلها ويعرف كيف يحتويها ويكسب ثقتها ويصل بحنكته لخيوط جريمة إرتكبت وإتهمت بها زور إبنة زيون ومن هنا كانت مشاهدة جميلة وتلقائية..

لاشك أن الدراما  في لبنان تقدمت في الآونة الاخيرة ولا شك أنني من مؤيديها ولكن لماذا لا نبحث عن التنوع أكثر أي بالاستعانة بورش عمل من الكتاب لنكون أقرب الى الواقع؟

“الشقيقتان” ليته حمل إسم “الاختان” وفي كل الاحوال غلطة الشطار بألف ولا يسعنا الا ان نقول مبروك لصناع العمل وكل التقدير لطاقم العاملين فيه، فكلنا نخطىء والمهم أن نتعلم ونتدارك ونتناقش ونتحاور لتخرج درامتنا اللبنانية بإشراقة أجمل وأرقى.

 

شارك الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Facebook IconYouTube IconTwitter IconFollow us on Instagram