تشعر بالجوع الدائم ؟! إليك الأسباب
هل انتهيت ذات مرة من تناول وجبة عشاء دسمة، ثم جلست لتشاهد التلفزيون، إلا أنك لا تزال تريد تناول شيء حلو أو مالح؟ يجب أن نشعر بالشبع حينها، ولكننا لا نستطيع كبح جماح رغبتنا في الحصول على مكعب شوكولاتة.
ثمة عدة أسباب تكمن وراء شعورنا بالجوع، لذا أجرت النسخة الأسترالية لموقع “هاف بوست” لقاءً مع ليبي ويفر، الرائدة في علم الكيمياء الحيوية للتغذية، ومؤلفة بعض الكتب الأكثر مبيعاً، والمتحدثة الدولية لمعرفة السبب.
أسباب الجوع المستمر:
١- الحاجة الفعلية لتناول الطعام
صرَّحت ويفر للنسخة الأسترالية لموقع “هاف بوست”، أن السبب الأول لشعورك بالجوع، هو احتياج جسمك للطعام، وأضافت: “أحد الأشياء التي تشعرنا بالجوع تحدث عندما تنخفض معدلات الجلوكوز في دمائنا، وبالتالي ينشأ سبب جسدي للجوع”.
لكي تتبين ما إن كنت جائعاً جسدياً أم لا، فلتبحث عن تلك العلامة: لاحظ إن كان شعور الجوع يأتي ببطء -إذ إن الجوع العاطفي يأتي بسرعة- فلتنتبه إلى صوت معدتك، ثم تأكد ما إن كنت لا تزال جائعاً بعد شراب كأس كبير من الماء أم لا.
تقول ويفر إنه في اللحظة التي تسأل نفسك فيها، هل أنا جائع بالفعل؟ أيجب أن أعود لتناول مزيد من الخضراوات؟ إذا كانت إجابتك بلا، فإنك لست جائعاً على الأرجح.
الحل: تناول وجبات طعامك العادية، والوجبات الخفيفة اليومية بانتظام، ولا تهمل تناول الإفطار، تقول ويفر: “تناوَل مزيداً من الأغذية الدهنية من مصادر الطعام المتكاملة، والتي من شأنها أن تُحدث تغيراً جذرياً في شعور الجوع الذي تشعر به في المساء”.
٢- الشعور بالملل أو الحزن أو الوحدة
تقول ويفر: “السبب الثاني للجوع، يتضمن عدة أسباب عاطفية مختلفة”.
وتقول إنه عندما يريد شخص ما تناول طعام حلو، في حين أنه لا يشعر بجوع حقيقي، غالباً ما أشبه ذلك بأنهم يبحثون عن الحلاوة في حياتهم، فهم يبحثون عن البهجة والسعادة، ويبحثون عن شيء ما مفقود في يومهم.
ويستمر بعض الناس في تناول الطعام بعد تناول العشاء، قائلين لأنفسهم إنهم جوعى بالفعل، إلا أنهم في حقيقة الأمر يحاولون التحايل على آلامهم العاطفية.
الحل: احتفظ بدفتر أهداف يومية بعنوان “ما أريده بالفعل”.
توصي ويفر بإحدى الاستراتيجيات الهامة، وهي الاحتفاظ بدفتر يوميات لفهم سبب انجرافك لنهم الطعام العاطفي.
لإعداد دفتر يومياتك هذا، قم برسم أربعة أعمدة، وضْع عنواناً للعمود الأول “ما الذي أريده بالفعل؟”، ثم تدون تحت هذا العنوان ما الذي تشتهي تناوله بالفعل. على سبيل المثال، البسكويت.
ونضع عنوان العمود الثاني “ما الذي أريده أكثر من أي شيء؟”. ففي الوقت الذي يناشدك فيه عقلك البدء في تناول البسكويت، إذا استمرت مقاومتك لذلك “سوف تدرك أنك في حاجة للصحبة، أو العناق، أو مجرد كلمة شكراً على غسيل الأطباق كل ليلة على مدار الثمانية عشر عاماً الماضية”.
“بينما يكون عنوان العمود الثالث، ما هو شعورك عند تحقيق هذا الهدف؟ سواء كان عناقاً أو صُحبةً أو كلمة شكراً. غالباً ما ستشعر بالتقدير والحب” حسب ويفر.
وتضيف: “في حقيقة الأمر، هذا الشعور هو ما كنت تبحث عنه عند تناول الطعام، إلا أن الطعام لا يوفر هذا الإحساس إطلاقاً. فتناول الطعام لا يخبرك على الإطلاق أنك محل تقدير واحترام”.
أما عنوان العمود الرابع فهو “كيف أحصل على هذه المشاعر بطريقة لا تضر صحتي؟”.
تشير ويفر إلى إمكانية حصولك على تلك المشاعر من خلال “مشاهدة أطفالك أثناء نومهم إذا كان لديك أطفال. أو إجراء مكالمة هاتفية مع أحد أصدقائك المقربين الذين يفهمونك جيداً. أو من خلال تدوين يومياتك، أو ممارسة التمرينات الرياضية، أو مشاهدة غروب الشمس الذي يذكرك بأن كل شيء سيغدو على ما يرام في النهاية”.
٣- الشعور بالتوتر
يُعد التوتر أحد الأمور الكبرى الأخرى التي تسبب شعوراً مستمراً بالجوع أو بالحاجة إلى تناول الوجبات الخفيفة باستمرار.
تقول ويفر أقصد بذلك، إفرازنا لهرمونات التوتر كالأدرينالين والكورتيزول، والعلم يؤكد أن الإنسان موجود على سطح كوكب الأرض منذ قرابة 150 ألف عام، وطوال كل هذه الفترة، يرسل هرمون الأدرينالين إلى الجسم رسالة واحدة، مفادها أن حياتنا في خطر.
تشير ويفر إلى أنه في العصر الحديث، تفرز أجسامنا الأدرينالين عند تناول الكافيين، عندما نقع تحت ضغط معين أو في الحالات العاجلة، إلا أن الجسم البشري لم يتعلم بعد كيف يفرق بين شفرتي الأدرينالين الذي نفرزه عند حدوث تهديد حقيقي لحياتنا، والأدرينالين الذي نفرزه عندما يقترب تسليم ست مهام مختلفة في عملنا، إذ يستوي النوعان بالنسبة لأجسامنا.
عندما تنتج أجسامنا مزيداً من هرمونات التوتر، بينما نحن لدينا معدلات مرتفعة من إفراز الأدرينالين، نحتاج إلى “وقود” يمنحنا الطاقة اللازمة لمواجهة الخطر الذي تظن أجسامنا أننا نواجهه، وهو ما يولد الشعور بالجوع
تقول ويفر الوقودان الوحيدان لأجسامنا هما الجلوكوز والدهون، عادة ما نستهلك مزيجاً من الاثنين معاً، ولكن عند تواجد هرمون الأدرينالين، تبدأ أجسامنا في حرق ذلك الوقود بسرعة للابتعاد عن الخطر.
ويحصل الجسم على إشارة لحرق الجلوكوز، وهو أحد السكريات الموجودة في الدم. وبسبب استجابة الجسم لهذا التوتر، سوف تجد نفسك تميل إلى تناول الأطعمة الحلوة، في سبيل رفع معدلات السكريات التي حرقها جسمك طوال اليوم.
الحل: عليك بممارسة تمارين التنفس العميق، وتخفيض معدلات استهلاكك للكافيين.
تبين ويفر ذلك قائلةً، إن هناك جزءاً من الجهاز العصبي في جسم الإنسان يحفزه الأدرينالين، وهو الجهاز العصبي السمبثاوي أو الودي، المسؤول عن ردود الأفعال السريعة. فبدلاً من تحفيز هذا الجهاز، نريد تحفيز الجزء الآخر من الجهاز العصبي، وهو الجهاز العصبي الباراسمبثاوي أو اللاودي، وهو المسؤول عن تهدئة الجسم.
وتضيف أن الطريقة الوحيدة التي توصل إليها العلم حتى الآن للوصول إلى هذا الهدوء، هي مد فترة الزفير، فلا بد من ممارسة تمرينات التنفس العميق عند استيقاظك من النوم مباشرةً، سواء كان ذلك من خلال تمارين التأمل، أو التاي تشي، أو اليوغا، أو البيلاتس، أو التنفس الواعي.
كرِّر ممارسة تمارين التنفس البطيء لمدة 20 ثانية على مدار اليوم، كأن تطبق ذلك في كل مرة تنتظر فيها الإشارة الحمراء لاجتياز الطريق، أو عند إعداد شاي الأعشاب، أو كل ساعة أثناء عملك على حاسبك الآلي.
٤- افتقار طعامك إلى الألوان والتنوع والنكهات
يأكل الإنسان بعينيه في المقام الأول، وبالتالي، إذا تعودت على مشاهدة الأطعمة فقيرة الألوان، مثل شطائر اللحم، ورقائق البطاطس، والبسكويت، فقد يسبب عدم تنوع الألوان والأطعمة -أي عدم الرضا الحسي- شعورك الدائم بالجوع.
تقول ويفر: “مما لا شك فيه، هناك بعض الأشخاص الذين يشعرون بجوع مستمر بسبب نقص المتعة الحسية لتناول الطعام، فإذا تناولوا وجبة طعام تفتقر بالفعل لتنوع الألوان، غالباً ما سيستمر شعور الجوع لديهم، لأن حواسهم لم تُشبع بالكامل”.
الحل: تناول الطعام بشكل واعٍ، وأضف إلى وجبات طعامك ألواناً ونكهات وقوامات مختلفة.
تقول ويفر: “إن الأشخاص الذين يضيفون النكهات إلى غذائهم باستخدام الأعشاب والبهارات، فضلاً عن تنوع الألوان، يحرزون تقدماً هائلاً”.
٥- عدم الحصول على القدر الكافي من النوم
تقول ويفر إن النوم يؤثر بشكل كبير على شهيتنا، ويعتقد الباحثون أن الأشخاص الذين لا يحصلون على القدر الكافي من النوم، أكثر شعوراً بالجوع، إذ يبحثون عن الطاقة نتيجة للإرهاق الشديد.
وتضيف: “ما نفهمه من ذلك، أنه عندما لا يحصل الناس على القدر الكافي من النوم، تتغير معدلات الهرمونين الرئيسيين المسؤولين عن الشبع والشهية: اللبتين والغريلين. ومن ثم تصبح مدفوعاً بواقع كيمياء جسمك الحيوية إلى تناول المزيد من الطعام، حال عدم حصولك على القسط الكافي من النوم”.
الحل: يجب أن تنام ثماني ساعات في اليوم، وأن تنتظم في مواعيد نومك واستيقاظك.
٦- اتباع عادات طعام معينة
هناك سبب آخر لشعورنا المستمر بالجوع، لا سيما بعد الانتهاء من تناول العشاء، وهو ببساطة، تلك العادات التي مارسناها على مر الزمن.
تقول ويفر: “ينخرط الناس في ممارسة عادات تناول الحلوى بعد تناول العشاء، ولكن حاول التفرقة بين العادات التي تضر صحتك، واتخذ قراراً بشأنها”.
الحل: قم ببعض المبادلات الصحية، وتناول مزيداً من الدهون الصحية.
تقول ويفر، إذا لم تستطع التوقف عن تناول الحلويات، فمن الجيد أن تصنع حلويات منزلية صحية تسد حاجتك طوال الأسبوع، واحفظها في الثلاجة، وبالتالي تصبح الحلويات التي تتناولها بعد العشاء غنية غذائياً.
وتضيف: “يمكنك صنع حلويات غنية بالدهون، لأن الدهون من أكثر مسببات الشبع، كما يمكنك تزيين هذه الحلويات بالتمر، لكي تبدأ في تغيير عاداتك الغذائية”.