خاص – الملحن الدكتور حلمي بكر لموقعنا: حاربتني الحشرات والصراصير ومطربة المرجيحة تذكرني بالكلب “حظو” وآصالة تحتاج طبيباً نفسياً
القاهرة – إبـــتــســام غــنــيــم
حلمي بكر من الملحنين العمالقة الذين لهم بصمة مميزة وراسخة في عالم الفن، وهو إلى جانب ذلك صاحب الآراء الجريئة والانتقادات اللاذعة لأنه يرفض أن يعمل بالفن الدخلاء، ومؤخراً تمّ تكريمه من كامبردج ونال الدكتوراه الفخرية لمسيرته الحافلة بالاعمال القيّمة… في القاهرة خصّ موقعنا بهذا اللقاء.
- بداية نبارك لك تكريمك ومنحك الدكتوراة الفخرية؟
– “الله يبارك فيكي”، هذا التكريم حصل من خلال جامعة كامبردج، بترشيح من اللجنة الآسيوية الافريقية، وبصراحة المنتج والماكييور العالمي الدكتور محمد عشوب كان وراء هذا الترشيح لتكريمي، كوني آخر الكبار من الملحنين، وهذا الأمر أسعدني جداً لانّه حصل في توقيته المناسب ومن خلال جمعيات لها قيمتها. معظم التكريمات تدور حولها علامات إستفهام وأصبح “من هبّ ودبّ” ينال جائزة؟
– هذه ليست تكريمات بل تدليساً، والمهرجان تنظمه شركة تريد أن تقيم حفلة، وهذه مصيبة بحد ذاتها، لأنه عندما أريد أن أمنح جائزة أو تكريماً لأحداً يجب أن يكون صاحب بصمة أو تاريخ، وكل هذه الحيثيات يجب أن تُذكر في مقدمة التكريم، لكن للأسف تكريمات كثيرة صارت على غرار”حادي بادي والقرعة” وشخصياً لا أعترف بها.
- لكن بالمقابل لا يُمكن أن نتغافل عن الشباب الذين يسعون لتقديم بصمة جيدة ونشجعهم بتكريم مميز؟
– “معليش” أين هؤلاء الشباب الذين يتركون بصمة؟ القلّة القليلة فقط التي تعمل للفن وليس بيزنس، بينما الباقي يعمدون على إحياء الأموات ليجعلوهم موتى مرة أخرى. العباقرة ماتوا وأعمالهم لا زالت خالدة، واليوم أذكري لي إسم أغنية على الساحة، بدليل أن أخر مصيبة أغنية “المرجيحة”.
نعيش في عالم القرود والتنطيط ومقومات الغناء تعتمد على مقاس الخصر
- لماذا هاجمت مطربة “المرجيحة”؟
– ليس لها علاقة بالغناء، وعندما جاءت لتقدم إمتحاناً للغناء طردتها بنفسي، صوتها مثل “الكوكو واوا”، وبعدها ردت عليّ من إنني نصحتها من أن تمثل بدلاً من أن تغني فقلت لها”هذا أدباً مني من أن أقول لك ذلك بينما انت لا تصلحين لكليهما”. وهذا السجال حصل بيننا على الهواء بأحد البرامج وطلبت منهم أن يقفلوا الهاتف حتى لا أغلط بها أيّ لمغنية”المرجيحة”، التي ليست مطربة ولا فنانة بل تسيء لذوي الاحتياجات الخاصة وهذا عيباً، هي تذكرني عندما إستقدم أحدهم كلباً وجعله يغني وأسماه “حظو”، (ويتابع) كل فترة تحصل مصيبة سوداء من خلال بعض الجهلاء الذين لا يحملون شهادة ولا يملكون ثقافة ولا خبرة ولا أي دور في المجتمع.
- مهرجان”الزمن الجميل أواردز” كرم العمالقة فقطّ !
– (يقاطعني ويقول) “كويس أنّك تطرقت لهذا الموضوع”، لماذا علينا أن نركز بالمهرجانات على الأراجوزات والتنطيط والغابة والقرود؟ هل هذا فناً؟ “الزمن الجميل أواردز” كرم العمالقة الذين ما زالوا على قيد الحياة وأعمالهم خالدة، في الوقت الذي يلد فيه مليون عمل من طرف الدخلاء على الفن ويموتون في اليوم الثاني مع أعمالهم، لأنّهم يعيشون عصر الاستهلاكية، ولا يتذوقون الفن الذي إنحدر وصار متدنيا بالصوت والكلمة واللحن. هل تعلمين ما هي مقومات الصوت اليوم؟ أن يكون الخصر مقاس 35، والفخذ 20 وما بقي كان أقبح وعيب أن نقيس، لذا أصبحنا أمة عربية تُعبّر عن سياستنا الداخلية، أراجوزات تنطّ تحت شعار الفن بحجة انهم ينقلون صورة المجتمع، والحقيقة عكس ذلك لانّهم لو نظروا إلى أنفسهم بالمرآة لإكتشفوا أنّهم قرود. (ويضيف) فكرة مهرجان “الزمن الجميل” ممتازة وستجعل الشباب يعون أن هناك عمالقة لهم جذوراً فنية، لهم اعمالا ستبقى خالدة حتى بعد رحيلهم.
- لكن وطننا العربي عندما يكبر الفنان بالسن ويقلّ نشاطه الفني الجميع يتجاهلونه على عكس الغرب؟
– معك حق، في هوليوود يوجد شارع شهير إسمه “هوليوود بوليفار”، مطبوعاً عليه أسماء وصور النجوم الذين صنعوا تاريخاً فنياً في هولييود، أمّا في لبنان ومصر يوجد شوارعاً بأسماء بعض الفنانين، لكنّها مجرّد مسمّيات لظروف معينة، لكن يجب أن يكون هناك شارعاً يحمل أسماء العباقرة مثل شارع عماد الدين، بينما شباب اليوم لو ناقشتهم يردّون بحجة أن أحداً لا يفهمهم متجاهلون أنهم إنفصلوا عن الاصالة والفن الحقيقي.
أغنية “بياع كلام” للصبوحة منعت من ثلاث رؤساء عرب
- ألم تُحارب ببداية مسيرتك الفنية؟
– أبداً، لأنني كنت عندما أرى الموسيقار عبد الوهاب أبكي، وعندما قابلته تفهّمني وأشاد بتلحيني وصرنا أصدقاء جداً. كما كنت صديقاً لكل العباقرة مثل وديع الصافي وفريد الاطرش ومحمود الشريف والسنباطي الذي وصفني بالشجرة الطبيعية المثمرة. وتقبّلوني لانه كانت لي شخصيتي المستقلة وكنت آخذ بنصائحهم، (ويتابع) عندما رشّحني الاستاذ محمد عبد الوهاب لتلحين مسرحية”سيدتي الجميلة”، وبعد أن شاهدها قال لي”رفعت راسي يا واد يا حلمي”، وكانت شهادة أعتز بها حتى اليوم ووصفني بالشهادة المميزة بالخط الغنائي. وكذلك فريد الاطرش عندما كنت أجري معه بروفة لاغنية “وردة من دمنا” وكان مريضاً قبّلني وأثنى عليّ، إذن هناك فرق بين الفنان الفعال والفنان البلاستيك.
- ألم تتعرض للمحاربة؟
– الفن لابدّ أن يقوم على المنافسة، ولا بدّ من صراعات، بدليل أن فرانك سيناترا العالمي إضطرّ لأن يدخل بالمافيا حتى يستطيع العمل بالغناء. في كل المجالات يوجد محاربة، وإن لم تحارب فأنت شجرة غير مثمرة، وأقصد أنّ الناجح والموهوب هو فقط الذي يُحارب، والدليل أنّ الصراصير والحشرات تحاربني حتى اليوم.
- أغنية”بياع كلام” التي انجزتها للشحرورة صباح لحنها لبنانياً بحتاً؟
– طبعاً، ولا زالت وكأنها وليدة الساعة وعلى فكرة هذه الاغنية مُنعت من طرف ثلاث رؤوساء عرب وهم صدام حسين، والسادات ومبارك، إذ كانت تُذاع بعد خطاباتهم، علماً أن لا علاقة لها بما يحصل بالواقع السياسي ومع ذلك كانوا يعتبرون كلامها لطشة على خطاباتهم وكانوا الرؤساء يستغلونها ضد بعض.
- إشتقت للفوازير؟
– “الشاطر يعمل فزورة زي الي كنت بعملها”، الجميع إستنسخ، بدأت الفوازير منذ العام 1960 مع نيللي عندما كانت طفلة بمشاركة شقيقتيها فيروز وميرفت، ثم ثلاثي أضواء المسرح، وبعدها نيللي ثم شيريهان وغيرهم لمدة 18 سنة وكانت فوازير لامعة بشهادة النقاد. أما اليوم في الشهر الفضيل فبدلاً من أن يستمتعون بالفوازير صاروا يعزّون بعضهم البعض، الشهر الفضيل كان مليئاً بالفن الجميل الذي به غلافاً دينياً.
- أخيراً تعاونت مع علي الحجار؟
– فعلاً أنجزت له أغنية “ندمان”وأغنية “مفاجأة”، علي من الاصوات القيّمة والطربية.
- علّقت على توقيف المطربة أصالة بمطار بيروت؟
– صحيح، وقبل القبض عليها بعشرة أيام كانت تقول أنّها سبب شهرتي، وقلت لها شكرا يا مدام وانشألله سأستقدم لك طبيباً نفسياً ونبحث بهذا الأمر، خصوصاً أنها قالت أن عزرائيل هو من إعتمدها بالاذاعة المصرية، متجاهلة أن إسمي حلمي بكر وأنا من إعتمدتها. وإذ بعد فترة يتم القبض عليها بمطار بيروت، وسألني عن الامر بعض الاعلاميين معتقدين من أنّي سأذبحها، وطبعاً لم ولا أفعل ذلك، وكان ردي أنها مطربة كبيرة جداً ولكن في بعض الاحيان يُسلَّط على الانسان عقله فيسيء الى فنه، وأؤكد لك أن ما حصل لها شيئاً مدبراً.
- أنجزت مكتبة لنجوى فؤاد؟
– صحيح، نجوى فنانة راقصة رائعة وأنجزت لها ألحاناً لمكتبتها الاستعراضية، وأنا تعاملت مع الاداء كونها غنّت بلغة الجسد القيّم، تماماً مثل “الميوزيكل شو” الذي يعمل على تحريكات جسدية تعبيرية وليس هز الخصر.
- ماذا عن برنامجك؟
– لازلت أتابع تسجيل برنامجي”عظمة على عظمة يا فن”، والعرض مستمرّ و بالأمس قدّمت حلقة عن الموسيقار فريد الاطرش، وإنهالت عليّ الاتصالات من كل الدول لان فريد الاطرش صاحب هوية فنية قديرة.