لا وجود لـ “الإدمان الجنسي”
علميا، الإدمان الجنسي هو تشخيص مشترك للعديد من السلوكيات المتعلقة بالجنس، من ضمنها العبث ببعض أجزاء الجسم أو مشاهدة المواد الإباحية. لكن حديث بعض ممثلي السينما عن إدمانهم للجنس أعطى للموضوع قناعات عامة ليست في محلها.
بعض الخبراء الذين يعملون في المجال العاطفي يقرون بوجود إدمان جنسي، بينما يجادل البعض الآخر بأن الإدمان الجنسي والمعروف أيضا (بفرط الرغبة الجنسية) هو أسطورة يتم تشييعها من دون تمييز أو تمحيص، ويخلطون ما بين المتعة العادية والإدمان.
أخيرا، بادرت الرابطة الأميركية لمعلمي ومستشاري ومعالجي الجنس باتخاذ موقف من هذا القضية، مشيرين إلى أن الإدمان الجنسي قد يكون موجودا، إلا أنه ليست هناك أدلة كافية لدعم الحديث عن الإدمان الجنسي أو الإدمان على المواد الإباحية، واعتباره اضطرابا في صحة العقل.
هناك 3 أنواع من الإدمان يجري الحديث عنها بضوضاء تظل بحاجة للتمحيص: الإدمان على الكحول أو المخدرات، ثم الإدمان على التدخين، وهذان النوعان من الإدمان يحظيان باتفاق الآراء على الشره والضرر في تعاطيهما، والحاجة إلى العلاج عن طريق الأدوية أو التغيير السلوكي. فهناك بعض المواد التي تسبب الإدمان مثل النيكوتين والكحول بينما هناك أشياء يكون الإدمان عليها نفسيا.
كيف يصبح الشخص مدمنا على الكحول أو القمار؟ يُنتج الدماغ هرمون الدوبامين وهو المسؤول عن المتعة والتعلم. مثال على ذلك الأكل والجنس وتدخين الحشيش والتحسيس على الحيوانات والمشي أو لعبة على الفيديو.. كلها تعتبر أنشطة ممتعة وتعمل على تنشيط مركز المتعة في الدماغ.
الدوبامين يرتبط بالتعلم والذاكرة وهذا يضفي تعقيدا ثانيا على موضوع الإدمان. فعندما يتعلم الدماغ على الربط بين المتعة والمادة المستخدمة فإن هذا يعتبر بمثابة مكافأة. والمشكلة هي أن نظام المكافأة يرتبط ببقاء النشاط مثل الأكل والجنس. وهكذا يخضع الدماغ للتعلم والترويض على وهم أن تناول المادة يصبح بمثابة الاختيار بين الحياة والموت.
هل يُعتبر الجنس إدمانا؟ بحسب هذا التعريف، فإن أي سلوك يؤدي الى تنشيط أي عملية في الدماغ، يمكن اعتباره إدمانا. فهل بالإمكان اعتبار الجنس إدمانا أيضا؟
الجدل هو أن الإفراط في تعاطي المواد التي تسبب الإدمان يتسبب في الموت، إلا أن الرغبة في الجنس أو الإفراط فيه لم يتسببا قط بموت أي شخص. كما أن الجنس تتجدد متعته في كل مرة يتم فيها الوصول للنشوة.
وبحسب هذه المعايير الأساسية للإدمان لا يعتبر الجنس إدمانا، حيث ان الجنس لا يتسبب في تنشيط عملية الإدمان في الدماغ، بل على العكس، حيث أن الاكثار من ممارسته يُعتبر مفيدا.
واكتشف العلماء طريقة لتقييم وجود الإدمان من خلال وضع أي مدمن أمام صور إدمانهم. واعتياديا سوف يستجيب الدماغ مع اندفاع الدوبامين حتى في وجود صورة بسيطة كزجاجة الكحول أو إبرة المخدر. لكن في الجنس لا يحصل مثل هذا التصرف، حيث لم يرتفع الدوبامين عند رؤية صور جنسية عدا الصور الخلاعية بالطبع. فإنتاج الدوبامين يرتبط بالإثارة والرغبة الجنسية أساسا، وعندما يتم التعرض لأي إثارة نفسية ينتج الجسم الدوبامين استعدادا لممارسة النشاط الجنسي. ولهذا السبب لا يتم الربط مع الصور الجنسية عدا الاباحية.
تنتهي الدراسة إلى أن من يدّعون إدمانهم على الجنس ليسوا حقاً كذلك. قد يكون لديهم مشاكل جنسية مثل نمط رغبة مختلة، أو أنهم يعانون من مشاكل في العلاقة الحميمة، أو تستدعيهم تناول الكحول والمخدرات، لكن كل ذلك لا يندرج علميا تحت باب الإدمان الجنسي.