إلى نفسي
بقلم الدكتور فلاح أبو جودة
أنا ضائع يا نفسي، وأصبحت أفهمكِ أكثر عندما تشعرينني بأنك لا تعلمين من أنتِ.
صحيح. من أنتِ، ومن أنا؟!
أأنتِ رجل أم امرأة؟
أأنتِ شيء أم شخص؟
أأنتِ حالة حقيقية أم خيال؟
لقد أدركني مسائي يا نفسي من دون أن أكتشف سرّكِ الحقيقي، وأشرقت ابتسامتكِ البيضاء في مسائي كما نبت مشيبي في شبابي، على حين غفلة. كل هذا جرى على حين غفلة: لم أكن أفهم أمي وهي تتحسّر على عمرها كيف مضى دون أن تشعر. وها أنا على مشارف الخمسين أشعر أن عمري ألف عام، وأن دقائقي الماضية صارت لا تحصى.
صحيح من أنتِ يا نفسي، ومن أنا ؟
أأنا أديب أم عالم؟ أأنا شاعر في عرزاله؟ أم عالم في مختبره يبحث بين الأشياء غير المرئية عن حقيقة ساطعة، وهو يردد في قلبه: “أبانا الذي في السموات”، ألف مرّة، علّ قدرة إلهية ما تفتح عينيه على ما لا يدركه العلم؟
أخبريني يا نفسي الحقيقة، فأنا سأردّد الليلة “الأبانا” ألف مرّة، علّني أكتشف من أنتِ ومن أنا، فأدخل تاريخ العلوم من بابه العريض!