واجد دوماني في ذمّة الله
رحل الحاج واجد دوماني بعد حياة حافلة، ومن حُسن الحظ أن إلحاح أسرته وأصدقائه دفعه إلى إصدار كتاب “وجدانيات” في العام 2012، وقد تضمّن كنزاً من المعلومات الشخصية بما فيها سيرته الشخصية ومذكراته، كتبه بمداد القلب والروح، واستعرض فيه نبذات عن والده وأسرته وعائلته الصغيرة، ومراحل نشأته وترعرعه، وغرامياته وزواجه، ونشاطه الحزبي والسياسي، وعمله في مجال التعليم، ونشاطه الإعلامي والأدبي ومقالاته، وصداقاته مع الشعراء والأدباء والفنانين، وعلاقاته بالصحافة والصحافيين، وعمله كمستشار للمسؤولين الكويتيين، وحادثة خطفه في الثمانينات، وغيرها من المحطات البارزة في حياته.
وكونه صحافي مثقف وإعلامي متمرّس فقد تطرق في كتاباته إلى الأوضاع السياسية السائدة باختصار وافٍ، ووصفها بدقة وتجرد وموضوعية، كما عرض لمروحة واسعة جداَ من المواضيع، منها الفكرية والأدبية والثقافية والإعلامية والسياسية والنفسية والغذائية والرياضية.
الكاتب والأديب واجد دوماني هو للحقيقة “شاهد عدل” ومراقب مميز، وكاتم أسرار من الطراز الرفيع، تميّز أسلوب كتابته بأنه راقٍ أنيق وسلس، فيه جرأة في القول، وتسمية الاشياء بأسمائها دون مواربة أو تنميق. ورغم غزارة المواضيع التي تطرّق إليها على مرّ الأيام، ليته أفصح عما يختزنه في داخله من أسرار سياسية ودبلوماسية، وكشف للملأ أحداث فترة من أدقّ مراحل التكوين السياسي والصراعات التي مرّت بها المنطقة والأمة العربية.
هذا الإنسان اللطيف الخلوق، العطوف المحبّ للجميع، وصاحب الكلمة الطيّبة يُشيعها في كل مناسبة وحيثما حلّ، توّج كتابه بفصل أفرده لبعض من رسائله التي وجّهها إلى عائلته التي أحبها بكل جوارحه، وفي إحداها “نصيحة – وصيّة” استقاها من واقع حياته المديدة وتجربته الغنية، جاء فيها: “يا أحفادي وأولادهم: اتبعوا أحلامكم .. اتبعوها مهما بلغت الصعوبات والتضحيات، اتبعوها، تجدون سعادتكم”.
رحم الله “أبو أحمد” وأثابه الجنّة … عاش ومات …. كبيراً، شامخاً، عالي الهمّة، وعزيز النفس.