حليم الرومي بين النبوغ الفني وذكريات تعزف ألحانه في إستديو5…الرياشي والماجدة لعودة أمجاد “إذاعة لبنان” مجدداً

بيروت – ريم شاهين 

حليم الرومي،إسم خلّده التاريخ بأعمال عكست نبوغه الفني،هو الذي قدم أكثر من ألفي لحن و ساهم في صناعة كبار النجوم. من الناصرة إلى مصر إلى الأردن و لبنان وإلى كافة أنحاء العالم، تطايرت ألحانه و تجسّدت بأغنيات بصوته وبصوت كبار الفنانين من سفيرة لبنان إلى النجوم فيروز وسعاد محمد وفايزة أحمد ونصري شمس الدين ونونا الهنا وإبنته ماجدة الرومي،التي ورثت الموهبة و الصوت العذب الحنون والإبداع الفني عن والدها.

بين المعهد الموسيقي في حيفا ومعهد فؤاد الأول للموسيقى العربية في القاهرة،حيث أنهى دراسته في مدة سنتين بدلاً من 6 سنوات؛ وذلك نظراً لنبوغه في المجال الموسيقي.

شغل حليم الرومي مناصب عديدة، في إذاعة الشرق الأدنى في حيفا كمطرب وملحن وعازف، واعتمدته الإذاعة الفنان الأول في جميع الاحتفالات والمناسبات.وفاز بجائزة تلحين نشيد الجيش العربي الأردني، على أثرها تسلّم رئاسة القسم الموسيقي في إذاعة الشرق الأدنى،إذ ساهم في تأسيسها وإعادة تنظيمها حتى أصبحت من أهم الإذاعات في الشرق الأوسط.

حليم الرومي قدم أولى حفلاته في الإذاعة المصرية،ولمع نجمه كمطرب وملحن من خلال المسارح والاستعراضات،ولُقب في مصر وقتها بـ”خليفة أم كلثوم” وذلك لإبداعه وتميزه في مجال الغناء.أما في مصرفي أواسط الأربعينيات،و تحديداً في القاهرة شارك في تمثيل فيلمين سينمائيين “أول الشهر” وفيلم “قمر 14″ الذي غنّى فيه “يا مساء الورد على عيونك”.

ولدى عودته إلى لبنان عام 1950،عين رئيساً للقسم الموسيقي في إذاعة لبنان، حيث لعب دوراً في رفع مستوى الأغنية اللبنانية.لم يشجّع الرومي إبنته ماجدة على خوض الغمار الفني، لكنّه عاد ولحن لها مجموعة من الأغنيات منها “لبنان قلبي” و”العيد عيد العالم يا أمهات”،كما قدم ألحاناً للعديد من الفنانين وغنى بنفسه بعض ألحانه.

ودع العالم العربي المبدع حليم الرومي، بعد معاناة مع المرض، إلا أنّ هذا العبقري وبالرغم من أنّ ألحانه بقيت خالدة و أغانيه بأصوات عمالقة الفن العربي،لم يسلّط الإعلام الضوء على مسيرته و إنجازاته من أجل نقل إبداعه لأجيال وليعرف العالم أجمع من هو حليم الرومي.

وحدها، إبنته الفنانة الراقية ماجدة الرومي،لم تتوقف عن ذكره في مقابلاتها  الإعلامية و أحاديثها الصحفية، و اليوم و بمبادرة إستثنائية من وزير الإعلام ملحم الرياشي، عاد الموسيقار حليم الرومي إلى رحاب “إذاعة لبنان”،الإذاعة التي علّقت على جدرانه نوتات ألحانه وشهدت على فترة ذهبية حين عين الرومي رئيسا لقسمها الموسيقي.

عودة الرومي إلى “إذاعة لبنان”،جرت خلال حفل أقيم قبل ظهر اليوم في مبنى الإذاعة في الصنائع،حيث أطلق على إسم الرومي على إستوديو رقم 5 في “إذاعة لبنان”،تقديرا لما قدمه الفنان الكبير للموسيقى العربية ولـ”إذاعة لبنان”.

حضر الحفل: المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة، الفنانة ماجدة الرومي، رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان، مدير “اذاعة لبنان” محمد إبراهيم، مسؤول قسم الدكتوراه في كلية الموسيقى في جامعة الروح القدس – الكسليك الأب بديع الحاج، مديرة البرامج في الاذاعة ريتا نجيم الرومي، الفنان رودي رحمة، قائد الاوركسترا الوطنية المايسترو أندريه الحاج والفنان ايلي خياط والفنانة أميمة الخليل.

و في كلمة ألقاها وزير الإعلام ملحم رياشي،خلال الإحتفال قال: “لا أعلم إذا كان أحد منكم يتذكر أي رئيس جمهورية أو مسؤول كان في زمن حليم الرومي. ففي القدم كان هناك سيف الدولة، وقد قال فيه الكثير شخص مثل حليم الرومي إسمه ابو الطيب المتنبي، فخلده”.

وأضاف: “لبنان حليم الرومي، لبنان فيروز، لبنان الاخوين الرحباني، لبنان سعيد عقل، ولبنان هؤلاء العباقرة، كل هؤلاء الكبار يبقون وحاضرون معنا، وحاضرون لأننا نريد أن نتنشق هواء الحرية الحقيقية، هواء الاخلاق السامية والأصالة، نريد لهؤلاء ان يبقوا ليبقى اللحن والشعر”.

وتمنى “أن تعود الاذاعة مجددا، وستعود مع حليم الرومي، وحذار أن يقف أحد في وجه تقدمها”.وختم: “حليم الرومي حاضر معنا دائما، ومع سعيد عقل والاخوين الرحباني، ولماجدة نقول: غني، أحبك أن تغني”.

وقد إفتتح الحفل بالنشيد الوطني،وبكلمة لعريفة الحفل رئيسة قسم المذيعين في “إذاعة لبنان” راوية عزام.ثم ألقى مدير الإذاعة محمد إبراهيم كلمة قال فيها: “تنتقل في أروقة اذاعة لبنان، فتأخذك النشوة وانت تشتم عبق تاريخهم وآثارهم شعرا ولحنا وأصواتا ملائكية صدحت عبر الاثير على مدى ثمانين عاما من عمر الاذاعة. وما تملك وانت اللبناني إلا أن تزهو او تختال فرحا، لا غرورا، ان بلدك الجميل هذا، ومن هذه البقعة من بيروت – تفتقت جماليات الصور والاخيلة الابداعية عن عبقريات فنية نشرت الاغنية اللبنانية، فرددتها وترنمت بموسيقاها وكلماتها الشعوب العربية من بغداد الى نجد فعدن، ومن الشام الى مصر فتطوان”.

أضاف: “من هؤلاء الكبار العظام كان حليم الرومي العبقري، الذي في سنتين، عام 1937 و1938، أتم تحصيل علومه الموسيقية فحاز دبلوم الدراسات الموسيقية العربية من معهد فؤاد الاول في القاهرة، وهذا الانجاز غير مسبوق في تاريخ المعهد، عرض عليه العمل في إذاعة لبنان عام 1950 لتنظيم قسم الموسيقى وإرسائه على قواعد علمية متينة،وكانت مدة العقد ثلاثة شهور وحسب، فاستبقته الاذاعة ثلاثين سنة تفانى خلالها في خدمة هوية الاغنية اللبنانية، مطلقا العديد من المطربين، وكانت منهم ابنته ماجدة الاغنية اللبنانية ومخملها ماجدة الرومي”.

وختم ابراهيم: “مع أثر ضخم يوازي 2000 عمل فني منها خمسمئة وخمسون لحنا للاذاعة اللبنانية، ختم حليم الرومي مشواره الفني، الا انه لم يمت ففي الحضارة الاغريقية عندما يذكرون كلمة فن، فانهم يقصدون بها الشعر والموسيقى لذلك كان عندهم اله الشعر واله الموسيقى”.

وبدوره ألقى المدير العام لوزارة الاعلام الدكتورحسان  فلحة كلمة قال فيها “إننا في هذا الاحتفال نشرع درفتي شبابيك الأوضة العتيقة التي سكنت وجده. أتى من خدر عروس الشطآن صور وتلألئها وسقى وبعده ما ارتوى. هذا الناصري الذي فتح صفحة على فضاء يزخر بحكايا مساءاتنا المشغولة بجدائل المجد والعز ويرسم لوحات على جدران صباحاتنا بمفاتيح من سحر موسيقاه، نستقرض من شذى لحنه خميرة لعطاءات فجرنا المتثاقل بورد الهوى الحيران فغلب علينا الوجد”.

وأضاف: “هذا الذي نحن الآن، هو رد على باب الوفاء والعطاء وهو عودة من الذات الى الذات، الى ذلك الذي تلمس فيروز الفن اسما ما كان ليكون او يكاد، وقام على أنامل عزفه صوت سحر المدار، وفيه ومعه البداية لقامة تسكن روح الصوت والهوى والندى والصدى، وهو الذي غنى واطرب وانتشى حيث نصري شمس الدين وسعاد محمد ووديع الصافي وصباح وأسماء الخلجان والشطآن التي تلمع وتضيء وتسكن وتستكين وتضج حياة على حفاف القلب”.

وتابع: “أما صورة تلك المرآة فما هي إلا ماجدة التي حملت إرثا من ذهب وعسجد وكلام مباح حتى أرست مراسيها في كل الامكنة والمطارح، وأجملها إذاعة لبنان وأحلاها.

إن هذا الحفل الذي بادر إليه معالي وزير الإعلام ملحم الرياشي لإطلاق تسمية حليم الرومي على استوديو رقم 5 هو استعادة والتفاتة لسيدة الاذاعات، واعادة رونق للاعلام الملتزم والمبدع والحر والوطني الجامع والمتنوع والمتعدد والغني والشفاف. وسنثبت يوما كما فعلنا انه اعلام ناجح واستثمار ناجح وتربية ناجحة وادارة رسمية ناجحة نفاخر بها، وسنفاخر بها أكثر لنصون كبارنا وحقهم علينا، وهم كبار كبار. للموسيقار الكبير حليم الرومي هدأة روح ما زالت ترفرف بيننا نبضا، وقد أفنى فيها زهرة عمره عطاء وإبداعا وخلقا وثقافة ما يزيد على أربع وستين سنة قضاها بين هذه الجدران لتتكلم ولتحكي ولتقص قصصا لا يهمس فيها الا العاشقون ولا يفقه بها الا هم”.

وختم: “المبدعون أصحاب الذوق الرفيع تفاخر بهم هذه الاذاعة وتستعيدهم لتكون كما كانت وكما يجب ان تكون. أردنا دوما الحياة فلا بد ان يستجيب القدر. هكذا غنى ولحن وأبدع حليم الرومي”.

وكانت الكلمة الاخيرة لماجدة الرومي التي قالت: “كأنها حدثت بالامس تلك الذكريات الجميلة التي عشتها هنا في هذا المكان بالذات، وهذا الصرح المجيد بالذات، وهذا البيت الاول الذي احتضنتني هنا في كنف والدي”.

وأضافت: “كانت الايام سعيدة، والدنيا في سلام، وكان الفن اللبناني مواسم خير وبركة، والهوية الغنائية اللبنانية في مخاض الولادة، من أصوات لبنانية عظيمة، انطلقت من هنا بالذات، من الاذاعة اللبنانية، وهي تحمل في حناجرها كل اسرار الجمال والابداع. كل هذه الاصوات عرفتها طفلة في بيت ابي، وربيت عليها، كلها سمعتها بحكم وظيفته ومسؤولياته، اما باكتشافها او توجهها او رعايتها. كلها، أسهم والدي الى جانب كبار آخرين في رفعها من مستوى الهواية الى مستوى الاحتراف، وفي دعمها بالعلم والمعرفة، وفي احاطتها بثقافته الفنية التي أتى بها من معهد فؤاد الاول للموسيقى العربية في مصر، وبتوجهاته التي استقاها من اعظم محترف فني وجد حينذاك، من اذاعة الشرق الادنى”.

وتابعت: “هأنذا اليوم أعود الى الاذاعة اللبنانية وتأثري ليس بقليل، أشعر كأنني هنا، أعود الى بيتي بعد طول غربة واعتراب. أما المناسبة، فإطلاق اسم والدي على الاستوديو الرقم 5 في الاذاعة اللبنانية التي أسهم والدي إسهاما كبيرا في نهضتها، وذلك برعاية كريمة من معالي وزير الاعلام الاستاذ ملحم الرياشي، مشكورا على كل جهد كان، وكل حماسة، وكل تقدير، وكل محبة، مع بالغ تأثر العائلة بأكملها، وفائق الاحترام. أعود الى الاذاعة اللبنانية اليوم، اعود الى لبنان الخير والعطاء والرسالة”.

وختمت: “أعود الى دار لها علينا جميعا واجب الوفاء، والاسهام الفعال في اعانتها الى الواجهة الاعلامية الاولى، مع كل ما هو متوجب علينا تجاهها من دعم وانحياز ومساندة حقيقية. لماذا؟ لانها اهدت الينا الابداعات التي حدثت الدنيا عن لبنان الفن الجميل، ولانها كانت وستبقى الناطقة الحقيقية الاولى باسم حناجر الذهب التي تخرجت من هنا، وباسم لبنان النهضة الغنائية الحية فينا، ما دمنا ودام لنا لبنان”.

وبعد قص شريط الإفتتاح  و الدخول إلى الإستديو حيث علقت لوحة حملت توقيع الفنان المبدع رودي رحمة،عزفت الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي مجموعة من ألحان الرومي،وجال الحضور على معرض صور يختصر مسيرة الرومي في الإذاعة اللبنانية.

و قد نشرت الفنانة ماجدة الرومي للمناسبة مقطع فيديو على صفحتها الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك” يخبر عن مسيرة والدها المشرّفة  التي ستتوارثها الأجيال على مرّ التاريخ و علّقت على الفيديو،قائلةً:”.. موسيقار من الزمن الذهبي .. بمناسبة تسمية استوديو ٥ في اذاعة لبنان باسم الموسيقار حليم الرومي – محبي السيدة ماجدة الرومي يقدمون عمل تحت اسم .. موسيقار من الزمن الذهبي .. عن مسيرة الكبير حليم الرومي”

 

شارك الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Facebook IconYouTube IconTwitter IconFollow us on Instagram